لم تجد أمانة جدة حلولا لمواجهة الغربان أو «نذراء الشؤم» كما يحلو لبعضهم أن يطلق عليهم، سوى استخدام الطعوم السامة والاستعانة بأكاديميين من جامعة الملك عبدالعزيز لعمل دراسات علمية وعملية وبحوث لوقف تكاثرها، وهو ما كان له الأثر الكبير في تناقص أعدادها. وكانت دراسة ميدانية أجرتها الأمانة كشفت عن وجود بيئات مختلفة جاذبة لتوالد وتكاثر الغربان، الأمر الذي استدعى وضع خطة تشغيلية متكاملة للمكافحة، تضمنت تدريب سبع فرق ميدانية مدعمة بالأجهزة الميكانيكية والفنية ووسائل الاتصال والمتابعة، ورفع تقارير يومية وشهرية وأسبوعية وسنوية، وعمل أربعة إعدادات خلال العام لتحديد مستوى الكثافة، والعمل على الإقلال منها بالطرق المثلى، ومن ثم تحديد الكثافة والبؤر الرئيسية. وكان يتم قياس كثافة وجود الغربان عبر تحديد أماكن تجمعها وإحصائها بالمشاهدة، مع تكرار عملية الإحصاء في أيام وأوقات متفرقة، مشيرا إلى أن الأعداد الكلية تحسب في جميع مساحات البلديات وتعمل خرائط تحدد عليها المسارات ونقاط الكثافات وتصنف من عال إلى منخفض الكثافة. حرب بلا هوادة وشكلت أمانة جدة عشر فرق لخوض «حرب بلا هوادة» ضد الغربان ووضعت خطة تشغيلية متكاملة للمكافحة باستخدام المادة السامة المعروفة ب «DRC» التي أثمرت عن تحقيق نتائج جيدة في مكافحة الغربان والقضاء عليها. والمكافحة باستخدام الطعوم السامة تتم عن طريق متابعة الحركة اليومية للطائر بين أخذه طعامه وبقائه في المنطقة أثناء النهار، وذهابه إلى موقع مبيته في نهاية اليوم، وبعد تحديد أماكن التجمع والجذب للغربان تبدأ الخطوات الأولية لعملية استئناسه، وذلك بنثر الطعوم بلا سموم حتى يتعود عليها وعلى أماكنها، ويشترط أن تكون هذه الطعوم من أكثر الجاذبات له، مقارنة بأي غذاء آخر « يتم اختيار الطعم المناسب وذلك بنشر أكثر من نوع من الطعوم لمعرفة أيها أكثر جذبا للغراب». تحديد الكثافة ويحدد عدد الطعوم المستخدمة بعد تحديد الكثافة التقريبية للغربان ومساحة المكان، وتنشر قبل الفجر «أي قبل بدء النشاط اليومي للغربان»، وتتخذ هذه الخطوة بعد التنسيق مع مسؤولي النظافة للتنظيف المستمر لأماكن تجمع الغربان حتى يكون الطعم الخاص بأعمال المكافحة هو الجاذب الوحيد، وتنشر الطعوم المحتوية على السموم «الطعم نفسه الذي تعود عليه الغراب وفي الأماكن السابقة»، ويتم تتبع تجمعات الغربان في مناطق مكافحتها حتى الحصول على الأعداد المقتولة ثم جمعها في أكياس خاصة، وتسجيل ما طرأ على الكثافة من خلال المشاهدة، وذلك لتقييم العمل ومدى كفاءته، وهي طريقة فعالة ومؤثرة في حالة التمكن التام من تحديد أماكن تكاثر الغربان، وعمل تقييم شهري للإنجاز وتعبئته في جداول خاصة تشتمل على عدد الطعوم المستخدمة، وحالات وفيات الغربان وأفراخها وكمية البيض الذي تم تدميره. أما المكافحة بتدمير الأعشاش فتتم بعد حصر أماكنها لهدمها «المكافحة الميكانيكية» وذلك قبل عودة الطيور لها، والقضاء على ما فيها من بيض وأفرخ، ومتابعة سلوك الطائر بعد هدم العش الخاص به وإزالته، وهل سيظل في مكانه أم سيبدأ في البحث عن مكان آخر خلال موسم التكاثر أو غيره، حيث يسجل عدد الأعشاش التي حصرت ثم تهدم، وتقدر الكثافة الخاصة بالطائر في كل موقع شهريا من خلال تحديد العدد التقريبي في مساحة معينة ومقارنتها بالكثافة الأولية التي كانت قبل بدء برنامج المكافحة، والتقييم الفعلي يكون بناء على ذلك، حيث يكون المسح الميداني بالتحرك على مسارات داخل منطقة البلدية وتحديد الموقع بأجهزة «GPS» وتسجيل الأعداد والمشاهدات والملاحظات على الجداول. وقدمت الأمانة حملات توعوية للمواطنين عن سلوكيات الغربان وطرق الوقاية منها، وما كان له الأثر الإيجابي في سلوك المواطنين من حيث الإبلاغ عن أماكن وجودها، إضافة إلى عدم رمي المخلفات والنفايات وبقايا الأطعمة أو المواشي الميتة قرب المنازل وعلى قارعة الكورنيش، لأن الغربان تجدها بيئة خصبة للتواجد والتكاثر .