لم يجد بعض الشباب طريقة أفضل للتعبير عن آرائهم الساخرة وانطباعاتهم حول مختلف القضايا أو الإشكالات في مختلف القطاعات من «الإعلام الجديد» الذي بدأ يشغل حيزا كبيرا في فضاء الإنترنت التي فتحت المجال واسعا لظهور برامج تليفزيونية من إعدادهم وتقديمهم يوجهون من خلالها سهام نقدهم لبعض القضايا المجتمعية التي يرون أنها لم تأخذ حقها في النقد. وقد اكتسبت هذه البرامج شهرة واسعة بين الشباب على وجه الخصوص، كونها جعلت من وسائل الإعلام الجديدة منبرا لها خاصة مع تنامي استخدام الإنترنت وظهور مواقع الفيديو مثل ال«يوتيوب» وغيرها، إضافة إلى عدم الحاجة إلى تقنيات عالية كما يحدث في القنوات الفضائية التليفزيونية. وبرر هؤلاء الشباب لجوءهم إلى «الإعلام الجديد» إلى ما أسموه «صمت المجتمع» عن تلك الممارسات وهو ما يفاقم منها بحسب رأيهم، رغم اعترافهم بأن برامجهم لا تقدم وصفات علاجية ناجعة، غير أن تسليط الأضواء على تلك الممارسات يجعل المجتمع يعيد التفكير في العديد من المسائل، وتدفعه لعدم الاستسلام والركون لكل ما يقدم له. على الطاير وكانت البرامج الكوميدية أحد البرامج التي لاقت إقبالا من الشباب لإيصال آرائهم إلى أكبر قدر من الجمهور فجاء على سبيل المثال برنامج «على الطاير» الذي يقدمه عمر حسين والذي يقدم رؤية غير تقليدية للأحداث والأخبار والشائعات تدفعنا إلى الضحك على أنفسنا، حسب تعريف فريق العمل نفسه والمكون من مجموعة من الشباب. ويهتم «على الطاير» بأبرز الأخبار الصحفية والتليفزيونية، والتي يعتقد القائمون على البرنامج أنها أكثر ما تكون «ضحك على الذقون»، فيحاولون تنبيه المجتمع إليها وزيادة وعيهم حول بعض الأمور التي ربم لا يلتفتون إليها. وسياسة البرنامج، كما يشير أصحابه، تنحاز للمشاهد: «ليس من حقنا في البرنامج توجيه الناس لشيء معين أو تحريضهم ضد أحد، كما أنه ليس من حقنا الحكم على الأمور بالصواب أو الخطأ، فالبرنامج لا يركز كثيرا على الجهات المختصة أو تحديد أسماء بعينها فهذه الجهات لن تتجاوب أبدا مع ما يقدمونه، إنما تركيزنا ينصب على تنبيه الناس وزيادة وعيهم حول بعض الإشكالات والأمور التي تخفى على بعضهم». اللوم على المتلقي البرنامج تعرض للعديد من القضايا من أبرزها «الفضائيات، الأخطاء الطبية، البطالة، توظيف السعوديين، حملات المقاطعة، قضايا الابتعاث، سوء التعامل مع العمالة الأجنبية، كما ركز في حديثه على السياسات الإعلامية التي تروج للعري والفساد، منوها إلى أن رضا الناس بما يطرحه الإعلام هو الخطأ. كما كانت لفقرة انتقاد أحمد الشقيري صاحب برنامج خواطر التليفزيوني نصيب المشاهدة الأكبر. البرنامج أكد أن هذه المقاطع التي يقدمها قد لا تغير شيئا على أرض الواقع: «غير أننا نريد من المجتمع أن يراجع نفسه قليلا، وأن يحترم ذاته لا أن يستسلم لما تمليه عليه الفضائيات أو غيرها، إنما يعيد التفكير مرة بعد مرة لما يحدث من حوله. فاللوم يقع بالدرجة الأولى على المتلقي». اللافت في البرنامج قصر مدته فلا يتجاوز عرض المقطع الواحد أكثر من سبع دقائق، مشيرين إلى أن مثل هذه الرسائل لا ينبغي التطويل فيها، لأن الناس بشكل عام يفهمون هذه الأمور «على الطاير». لا يكثر وفي ذات السياق، حاول الفنان الكوميدي فهد البتيري أن يخوض هذه التجربة فقدم برنامجا كوميديا أسماه «لا يكثر»، ليتطرق لقضايا محسوسة تهم الشباب وتتمثل في مواقف حقيقية عايشها المقدم ليجسدها على شكل قصص كوميدية ويعرضها في البرنامج. وينتقد البرنامج سلوكيات الشباب اليومية بشكل لاذع، كما انتقد طريقة التشجيع الكروي، كما يتطرق إلى الإعلانات التجارية التي تستخدم بعض المصطلحات التي لا تمت إلى المنتج نفسه بصلة، إضافة إلى تأكيده على دعم المنتج المحلي، وغيرها من القضايا التي سيطرحها البتيري لاحقا. من جانب آخر، برز برنامج «التاسعة إلا ربعا» ويتخصص البرنامج في عرض الأخبار المحلية والإعلانات المبوبة والخوض في كشف مضامينها الطريفة والغريبة. ويرصد مقدم البرنامج كل شيء ابتداء بهموم الحياة اليومية مرورا بأزمة ال«البلاك بيري» وانتهاء بتصريحات مسؤولي الدوائر الحكومية، وذلك بأسلوب مختصر وساخر ينطلق من أخطاء بعض الصحف. كما يتناول الأخبار ذات المضامين الجادة، ويناقش معضلاتها وقضاياها بأسلوب ساخر وحاد يبتعد عن النمطية ويقدم «وجبة ساخرة» بامتياز لم تثر حفيظة المشاهدين فحسب، بل جعل المتابعين في نقاش دائم حول ما يطرحه من انتقادات تبدو خارجة عن السائد المحلي .