يعتبر تنظيم كأس العالم لكرة القدم امتيازا تتسابق الدول للحصول عليه، لما يعنيه من عوائد بشرية ومادية وثقافية وحتى سياسية. من كان يتصور حتى قبل أسابيع أن تحظى دولة عربية بهذا التفويض الدولي من أكبر منظمة غير حكومية في العالم (الفيفا)؟ هي الإرادة والتصميم وحسن التخطيط والإعداد، إضافة إلى توظيف الكوادر البشرية، ولقد أعطتنا قطر الشقيقة دروسا في ذلك. إن مشاهد فرحة أمير قطر مع أبنائه وأسرته والصيحات والدموع التي حركت معها مشاعر الخليجيين والعرب والمسلمين، والفرحة بهذا الإنجاز تسكن اليوم قلب كل خليجي ومسلم، مع الدعوات بأن يوفق الله أشقاءنا القطريين للإعداد لهذا الحدث العالمي الكبير؛ فالمهمة كبيرة ولكن على قدر أهل العزم تأتي العزائم، وكلنا اليوم قطريون. يبقى أن نذكر بأن تجمعا عالميا كبيرا كهذا يترافق مع فعاليات جانبية، وتواجد مئات الجنسيات لمتابعة أكبر المسابقات العالمية، كل ذلك وغيره يعد فرصة لقطر ولنا جميعا لنقدم هويتنا وأسس حضارتنا وثقافتنا العربية الإسلامية، بل وقضايانا للعالم بطرق غير مباشرة، وهذا ما تحرص عليه الدولة المنظمة. حفل الافتتاح بحد ذاته رسالة إلى العالم تعرض أوجه حضارة البلد المضيف وثقافته وهويته، بالإضافة إلى الفعاليات والمعارض والأسواق الشعبية والمرافق المختلفة، كل ذلك يقدم هوية البلد، والقطريون لن تفوتهم أهمية ذلك. حق لقطر أن تفخر بهذا الإنجاز، وكخليجيين وعرب سرى إلى قلوبنا وعقولنا ذلك الفخر، أولا لقرب المسافة كالجار حين تصل مسامعه زغاريد الفرح وصيحاته عند جيرانه، وثانيا كما قلت: قطر منا ونحن منها. ونأمل أن يستفيد من أراد العمل بجد للإنجاز من الدرس القطري، و«قدها يا قطر».