ليس أسوأ من أن يكذب الإنسان على نفسه حتى لا يعود يدرك حقيقته أبدا! هذا بالضبط ما حدث مع «مس جي» المعلمة الأنيقة الجميلة ذات الشعبية الكبيرة لدى طالباتها، صاحبة الفريق المنفرد في المدرسة المنغلقة والحاسمة في قرارتها.. «تحاول وصف العالم الخارجي كمغامرة تستحق التجربة. ومع هذا لم تغادر المدرسة منذ كانت طفلة وهنا تحدث المفارقة..». الفيلم مبني على الأسرار الخفية التي لا نستطيع البوح بها ولا حتى تخمينها ونحن نتابع سلسلة مشاهد جميلة بإيلامها لنا.. الخوف أيضا من الفقد والوحدة والفشل. الفيلم مقتبس من رواية شيلا كوهلر، وأحداثه تدور في عام 1934 عن مجموعة طالبات يعشن في مدرسة داخلية بريطانية ويمارسن الغوص بقيادة الآنسة جي التي تحاول التقرب من طالباتها وعدم التخلي عنهن. هذه القصة التي تواجهنا حينما نبدأ المشاهدة والتي نعتقد لوهلة أنها هي الحدث الأهم مع الوقت نكتشف بعدها الهوس المرضي وفزع مس جي حينما تأتي الطالبة الجديدة فييما، وهي فتاة إسبانية كاثوليكية من عائلة أرستقراطية مختلفة تماما عن بقية الفتيات، فنظرتها للحياة انفتاحية، تعرف العالم على حقيقته لا كما روته الآنسة جي لفريقها، وهي جريئة ومتحدثة ومستقلة.. يبدأ الاضطراب يسود لدى الفتيات وغيرتهن، ويتزعزع الوضع الآمن والرتيب الذي اعتدن عليه خاصة من «دي» التي تحمل مشاعر حب خاصة للآنسة جي، ومع الوقت تكتشف «فييما» حقيقة مدربتهم الزائفة، وتواجهها بمخاوفها الداخلية «لن يدوم هذا للأبد سيهجرونك». ويتحول الفزع لمنحى آخر، إذ يظهر حب الآنسة جي بوضوح لفييما.. وهو حب غير سوي يظهر في نظراتها، تقربها منها، اهتمامها؛ لأنها تعتقد أنهما متشابهتان أو لأقل لأنها وجدت وللمرة الأولى من تضاهيها وتتفوق عليها وتكون قادرة على مواجهتها ورفضها دون خوف. هذه المشاعر تدفعها للتحرش بفييما حينما تفقد الوعي، ما يجعل الأمر يتحول لعدائية كبيرة من فييما وكراهية واضحة، حيث تحاول جاهدة إنهاء كل ما يحدث «دعيهم يغضبون.. دعيهم يرون مقدار كرهي لك، أريدهم أن يعرفوا حقيقتك». هنا بالتحديد تستغل «جي» محبة الطالبات لها ضد فييما، لأنها بدأت تتنبأ بخسارتها، وفي النهاية تموت فييما لتكون الحد الفاصل للخداع والحقيقة، الخيط الخفي والرفيع جدا بين ما نصدقه وما نحن مرغمون حقا على تصديقه. بقدر ما حاولت الكتابة عن هذا الفيلم إلا أنني لم أستطع، فبعض الحكايات تموت إن كتبنا عنها، ولا شيء يعوضكم عن اقترافي السابق إلا رؤية الفيلم: القصة، الإخراج، التمثيل، الحوار، الإضاءة، الإكسسوارات، والموسيقى.. الموسيقى.. الموسيقى.. ونظرات Eva Green وحدها حكاااااية. مدونة: دانتيل