فتح الحكم الذي أصدره أحد القضاة بالرياض أخيرا بمنع مواطن من التعرض لابنته دراسيا، وإلغاء طلبه بفصلها من الجامعة التي شرعت في تنفيذ رغبته، بابا للخوض في مدى أحقية أولياء الأمور بمنع بناتهم من إكمال دراستهن ونظامية تنفيذ الجامعات أو الجهات الدراسية بتنفيذ رغباتهم، في ظل وجود لوائح منظمة لعمليات الفصل. وقال بعض المختصين والأكاديميين والقانونيين في تصريحات ل«شمس» إن التعليم حق من حقوق الإنسان، ولا يجوز لأحد مصادرته بدواعي تفتقر للمنطق ولأسباب شخصية، وأن الأنظمة الجامعية لا تجيز فصلا كهذا، فيما ذكر آخرون أن طاعة ولي الأمر هي الأصل وأن أي خروج عنها يعتبر عقوقا، مشيرين إلى أن سلطة ولي الأمر على ابنته فوق سلطة القاضي أو نظام الجامعة. «شمس» طرحت الأمر واستمعت إلى آراء بعض المختصين. غير نظامي مديرة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن الأميرة الدكتورة الجوهرة بنت فهد آل سعود أكدت أنه ليس هناك أي بند في لوائح الجامعة أو نص من أي نوع يبيح للجامعة فصل طالبة بناء على رغبة والدها أو ولي أمرها «نحن نتبع نظام التعليم العالي وأنظمة التعليم العالي لا تنص على ذلك». أما عضو لجنة الشؤون التعليمية والبحث العلمي بمجلس الشورى الدكتور خليل البراهيم فأشار إلى أن نظام الجامعات السعودية المعمول به الآن لا يسمح بفصل طالبة، سواء كان برغبة والدها أو أي شخص آخر «طي قيد الطالبة لا يتم إلا برغبتها أو بحسب اللوائح ومنها انخفاض المعدل التراكمي عن رقم معين أو عدم قدرة الطالبة على مواصلة الدراسة وغير ذلك من أسباب نظامية محددة في اللوائح وليس هناك مجال للاجتهاد». وقال إن مجلس الشورى لم يطلع على مثل هذه الشكاوى ولم تتم مناقشتها من قبل اللجان؛ لأنها حالات فردية والنظام المعمول به يحفظ حقوق الأطراف المتضررة. من جانب آخر أكدت عضو الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان الدكتورة سهيلة زين العابدين أن نظام الجامعات لا يعطي للآباء حق سحب ملفات أبنائهم الذكور أو الإناث لأي سبب من الأسباب؛ لأن حق التعليم فريضة وليس من حق الآباء حرمانهم منه « الطالبة شخصية وكيان مستقل ولها هي أن تقرر ما تريده ولا يحق للجامعة فصلها لمجرد أن والدها أراد ذلك». وذكرت أنه إذا كانت هناك خلافات بين الأب وطليقته ويريد الانتقام منها بفصل ابنتها من الجامعة فهذا لا يجوز، فالله تعالى قال «فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان»، فالأبناء ليس لهم دخل في خلافات الآباء. مشيرة إلى أن تصرف الأب فيه عنف معنوي ومادي؛ لأن ابنته إذا حرمت حق التعليم فستحرم من حقها في العمل «لو كان حريصا على مصلحة ابنته فعليه أن يبذل كل ما في وسعه من أجل تعليمها؛ لأن هذه مسؤولية وأمانة، مشيرة إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «من كانت له بنتان أو أختان أو ثلاث بنات أو ثلاث أخوات وأحسن تربيتهن وعلمهن دخل الجنة». ليس عقوقا وحول ما إذا كان يمكن اعتبار رفض الفتاة تنفيذ رغبة والدها نوعا من العقوق، أكدت زين العابدين أن الأمر لا يمكن وصفه بهذه الكيفية «بر الوالدين في طاعتهما فيما ليس فيه ضرر على الأبناء لكن في هذه الناحية هناك ضرر في حرمان الطالبة من حقها في التعليم وهو حق شرعي فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «طلب العلم فريضة على كل مسلم» والحديث يشمل كل مسلم ومسلمة. فبأي حق يحرمها من هذه الفريضة؟». كما أشار مفتش قضائي «رفض نشر اسمه» «ليس هناك نص قضائي محدد استند عليه القاضي في حكمه، بل هو اجتهاد منه، لافتا إلى أن تصرف والد الفتاة فيه تعسف». أما رئيس لجنة المحامين علي السويلم فأشار إلى أنه لا يعتقد أن لوائح الجامعات تتيح لأولياء الأمور التقدم بطلبات لفصل أبنائهم بناء على رغباتهم الشخصية «فصل الطالبة أو الطالب من جامعته يكون لأسباب أكاديمية أو سلوكية محددة». ولاية الأب أقوى لكن المحامي أحمد الراشد ذهب في اتجاه آخر، حيث أكد أنه يجوز للجامعة فصل الطالبة إذا أراد والدها ذلك، مشيرا إلى أن ولاية الأب لأبنائه فوق ولاية القاضي مشيرا إلى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم «أنت ومالك لأبيك». ورفض وصف تصرف الأب ب«العضل» أو فيه إساءة لاستخدام ولايته أو عنف معنوي وإنما ألقى باللائمة على الفتاة التي تمردت على والدها «رفضها تنفيذ رغبة والدها نوع من العقوق ولا يحق لها اللجوء إلى المحكمة والقاضي ليس له حق التدخل في ولاية الأب». وحول عدم وجود نظام في الجامعات السعودية ينص على أن لولي الأمر الحق في طلب فصل ابنه أو ابنته قال الراشد «إن الأصل في الشريعة الإسلامية أن تسود على الأنظمة» .