عندما كان الرئيس أوباما يسعى للوصول إلى البيت الأبيض، انتقد الجمهوريين لعدم بذلهم الجهد الكافي في أزمة دارفور، وأكد أنه كان سيجعل للسودان أولوية. وقد قال لي أوباما في حديث أجريته معه «إن ما فعلناه لم يكن كافيا»، وأضاف أن واشنطن تحتاج إلى جهد دبلوماسي متواصل للضغط على السودان، ورغم ذلك فالرئيس أوباما يشرف حاليا على توجيه السياسة الأمريكية فى السودان، التي تتسم بالتشوش والتناقض والإخفاق الواضح. ومن المسلم به أن أوباما لديه العديد من الأولويات. ومن المسلم به أيضا أن السودان في مأزق ليس أمامه حلول جيدة. ولا يوجد من يتوقع أن يمنح أوباما مزيدا من الوقت للسودان. ولكن المشكلة ليست انشغال الإدارة بدرجة كبيرة تمنعها من إعداد سياسة تتبعها تجاه السودان. ولكن المشكلة تكمن في أن لديها نصف دستة من السياسات أغلبها متعارض. وكانت التوصيات العديدة المتعلقة بالسودان التي كانت أول ما صدر عن السياسة الخارجية، على مكتب أوباما، تعكس الخلاف داخل الإدارة. إحدى هذه التوصيات جاءت من وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون ومبعوث الرئيس أوباما إلى السودان الميجور جنرال «سكوت حراشن»، وكانت تركز بوضوح على الوعود والالتزامات. أما التوصية الأخرى فكانت تدعو إلى اتباع منهج أكثر تشددا، وجاءت من مندوبة أمريكا في الأممالمتحدة «سوزان رايس» التي تعد إلى حد بعيد صاحبة الخبرة الأطول في التعامل مع السودان. وقد أرسلت ما يقرب من 68 منظمة خطابا مشتركا إلى أوباما تطالبه ببذل مزيد من الجهد لمنع نشوب جولة جديدة من الحرب في السودان. ولكن حتى الآن لم يقم بالعمل، كما أن إدارته لا تزال أقل نجاحا في إرجاع السودان إلى سابق عهده. والنتيجة: أن الحرب الأهلية التي تشتعل وتخبو بين الشمال والجنوب من الممكن أن تبدأ من جديد قريبا. فما هي درجة السوء التي يمكن أن تكون عليها؟ لقد استمرت الجولة الأخيرة من تلك الحرب نحو 20 عاما.. ومن الممكن أن تتسبب الدبلوماسية الأمريكية في سقوط المزيد من مئات الآلاف من القتلى.