تزايدت خلال الأعوام الأخيرة في مختلف أنحاء العالم الحوادث الناجمة عن تدافع الحشود البشرية في المناسبات والاحتفالات الدينية والمهرجانات الاجتماعية، التي تسفر عن مصرع عشرات الآلاف سنويا، وكان آخرها ما شهدته كمبوديا أمس الأول من تدافع حشد من آلاف الأشخاص فوق جسر مزدحم بالعاصمة الكمبودية «بنوم بنه» الذي أسفر عن مصرع نحو 400 شخص، في حين أصيب نحو ألف آخرين. وقد وقع الحادث في ختام الاحتفالات بعيد المياه التي استمرت على مدى ثلاثة أيام، وقفز عدد غير محدد من الأشخاص من فوق الجسر هربا من التدافع، عندما أصابهم الذعر بينما كانوا يعبرون جسرا طوله 100 متر، يربط منطقة ترفيهية في جزيرة «داياموند» بالبر الرئيسي في العاصمة.. ويقام مهرجان المياه سنويا بمناسبة انتهاء موسم الرياح الموسمية. وتعد الهند من أكثر دول العالم التي يسقط فيها ضحايا نتيجة تدافع الحشود البشرية، فالتدافع في المعابد خلال الأعياد الدينية أمر معهود في الهند، ففي عام 2005 سقط أكثر من 330 شخصا في تدافع أمام مزار يقصده الهندوس في ولاية «مهارشترا» غربي الهند، عندما تجمع الآلاف من الزوار على قمة جبل معبد «ماندهارديف» المخصص للآلهة الهندوسية كاليشوارى في منطقة واي على بعد 300 كلم جنوب بومباي عاصمة ولاية مهارشترا الغربية. وفي عام 2008 وفي حادث مشابه قتل 148 هندوسيا بينهم عدد كبير من الأطفال، وأصيب عشرات آخرون، إثر تدافع في معبد «ناينا ديفي» الهندوسي بشمال الهند، عندما تجمع آلاف الهندوس للاحتفال بعيد ديني. وكان آخر ما شهدته الهند من تدافع الحشود في مارس الماضي، حين سقط 63 قتيلا، بينهم 37 طفلا و26 امرأة، ولكن هذه المرة لم يكن بسبب احتفال ديني، بل بسبب تجمع لتوزيع الهبات والمساعدات، حين تجمع نحو عشرة آلاف شخص في مدينة براتابغار جنوب شرق العاصمة نيودلهي، سعيا منهم للحصول على الملابس والطعام الذي يوزعه أحد الأعيان المحليين. كما يشهد العراق حوادث مماثلة بسبب تدافع الحشود البشرية في المناسبات الدينية، ففي سبتمبر 2005 لقي650 شخصا مصرعهم وأصيب 235 آخرون، إثر التدافع على جسر الأئمة الذى يربط منطقتي الأعظمية والكاظمية في شمال العاصمة بغداد. وقد دفعت حوادث تدافع الحشود البشرية المتكررة في العالم كثيرا من الدول ومراكز الدراسات والأبحاث، إلى السعي للاستفادة من التجربة السعودية في إدارة حشود الحج، التي حققت نجاحا متميزا طوال الأعوام الماضية، ولا سيما بعد تطوير جسر الجمرات، حيث لم يشهد موسم الحج تدافعا أسفر عن عدد كبير من الضحايا منذ خمسة أعوام رغم احتشاد أكثر من ثلاثة ملايين، وهو أكبر تجمع بشري في العالم. وقد تشكلت رغبة دولية في الاستفادة من تجربة المملكة في إدارة الحشود، حيث تلقت الحكومة السعودية طلبات من بعض الدول والجامعات المهتمة بموضوع إدارة الحشود. ويعتبر موسم الحج أكبر تجمع يشهده العالم بأسره، وتعمل المملكة لمدة 11 شهرا على وضع الخطط والتنظيمات لهذا الموسم، بواقع اجتماعين في كل شهر للجهات الحكومية ذات العلاقة بعملية التنظيم، وكانت المملكة قد عرضت تجربتها في مواسم الحج في جنيف أمام المسؤولين عن المنظمة الدولية للحماية المدنية، والمؤلفة من 68 دولة .