في أول يوم دراسي بجامعة في لندن، سأل بروفيسور بريطاني طلابه: ما الذي جعل من بريطانيا دولة ذات قوة رائدة واقتصاد متين؟ ما الذي يميز بريطانيا عن غيرها من الدول؟ ما المورد الرئيسي الذي تملكه دون نظيراتها لتكون يوما البلاد التي لا تغيب عنها الشمس؟ حسم البروفيسور إجابات الحاضرين العشوائية بالإشارة إلى رأسه قائلا: هذا هو! بغض النظر عما ارتكبته بريطانيا في حق كثير من شعوب العالم من احتلال وتدمير واستغلال لضعف وفقر دول بسرقة مواردها، إلا أن براعة العقول البريطانية أمر لا شك فيه! فقد جعلت هذه العقول من دولتهم رمزا للقوة والسياسة الديمقراطية، كما هي أيضا تعد رمزا في المجالات الأخرى كالسياحة والجمال والثقافة والفن والزراعة والصناعة والخدمات وغيرها. وتتلخص هذه القوة في معادلة تقول إن العقول تصنع الثروة! لكن هذه المعادلة- ومع الأسف- ليست عكسية! فوجود الثروة لا يصنع العقول! بدليل حال بقية الدول التي باتت عقولها نائمة على أسرة من ريش النعام، متكلة أو متواكلة على الموارد الطبيعية التي ظنوا أنها كنوز لا تفنى! ولم يصنعوا لأنفسهم كيانا بهذه الثروات التي أخذت في التناقص شيئا فشيئا. وعلى الرغم من تفاوت الآراء فيما إن كانت موارد دول الخليج وبعض الدول العربية في تضاؤل، فإن الخطر إن تجاوزناه فلن يتجاوز أبناءنا وبناتنا.. وإن تجاوزهم فإنه لن يرحم أبناءهم بلا شك! تدور كرة الخطر هذه في كل لحظة تتناقص فيها مواردنا دون تعويضها بأخرى، ويلقي كل جيل بها في ملعب الجيل الذي يليه! لتصبح توقعات تحول دول المنطقة إلى بلدان فقيرة أمرا مستبعدا كما يقول المختصون الذين يشيرون إلى اقتراب نهاية عصر البترول الذي سينتهي كما انتهى العصر الحجري، وينصح الحريصون منهم أن تلجأ الدول العربية إلى البحث عن خطط فعالة للانتقال إلى عصر الطاقة البديلة ومواكبة التطور العالمي.