لم يخطر لذويِ الفتاة التي توفيت الأسبوع الماضي في منطقة القصيم تأثرا بالصعقات الكهربائية التي تعرضت لها من قِبل أحد الرقاة الشرعيين في المنطقة، أن ابنتهما التي لم تتجاوز عقدها الثاني من العمر ستموت صعقا! فوالداها اللذان استعانا بالراقي الشرعي لتخليصِ ابنتهما من أعراض أحد الأمراض النفسية لم يعتقدا أن الراقي سيكون سببا في وفاتها بتلك الطريقة! نعرفُ جميعا أن للرقية الشرعية شروطا وأحكاما، وأن «الصعق» بالكهرباء أو الحرق بالنار لا يمت للرقيةِ الشرعية بشيء، فعلام استند ذلك الراقي؟ ومن منحه الحق في مُمارسةِ سلوكياتِ وحشية تجاه مرضى لا يرجون إلا الشفاء باسم الله وبسنةِ نبيه عليه أفضل الصلاة والسلام؟ بغضِ النظر عن الجدل الطويل اللا مُنتهي فيما يتعلق بالفرق ما بين المسحورين أو الممسوسين، والمرضى الذين يعانون من بعض الأمراض أو الأعراض النفسية، وبغض النظرِ عن جدوى العلاج النفسي لمن يعانون من أيةِ أعراض نفسية، وبغضِ النظر عن الكثير من الأمور المُتعلقة بهذا الشأن، نعود ونتساءل عن الرقاة الذين لا يزالون يُمارسون الرقية بلا تراخيص مزاولة للمهنة، التي تعرض الكثيرون من ورائها للكثيرِ من الحوادث المأساوية بدلا من الشفاء الذي رجوه وبحثوا عنه من خلالِ الرقية! ما الذي يعنيه أن يُمارس المئات إن لم يَكُن الآلاف الرقية الشرعية بدونِ أيةِ ضوابط وبدون أيةِ تصاريح من الجهات المعنية بمثل هذه الأمور؟! لا أعتقد أنه يخفى على أحدِ منا أن الكثير من الرقاةِ الشرعيين يستغلون هذه المهنة في مآربِ لا شرعية ولا أخلاقية، فلا نظام يردعهم ولا قانون يلتزمون به بكلِ أسف. توفي الكثيرون بسببِ أخطاءِ بعض الرقاة، وسيموت الكثيرون أيضا بسببِ أخطائهم ما دام ترخيص مزاولة الرقية الشرعية الوحيد هو «السمعة»، فسمعة الرقاة الشرعيين هي سمعة يعتد بها في مجتمعِ كمجتمعنا بلا شك، بغضِ النظر عمن قد يتأذى بسببها.