تشير نتائج الانتخابات العامة التي ظهرت نتائجها، أمس، في بورما إلى فوز محسوم لصالح حزب اتحاد التضامن والتنمية الذي شكله المجلس العسكري الحاكم قبيل هذه الانتخابات التي نددت بها الأممالمتحدة والاتحاد الأوروبي، وكذلك واشنطنولندن وباريس وبروكسل وكانبيرا، وحتى بعض الدول الآسيوية، وقد انعكست هذه المواقف المنددة بالنظام العسكري الحاكم في بورما في سلسلة من العقوبات الأوروبية امتدت منذ تشديدها في عام 2007 إلى حظر دخول دول الاتحاد الأوروبي على رموز النظام العسكري، مع حظر على الأسلحة وتجارة الخشب والأحجار الكريمة رئة الاقتصاد البورمي. وانطلقت تظاهرات للبورميين في هذه الدول وغيرها مؤكدة أنها «صورية» وشهدت إقبالا ضعيفا، في ظل غياب أهم شخصية معارضة عتيدة في البلاد «أونج سان سوتشي» 65 عاما التي تطلق عليها الجماهير «سيدة بورما»، بزعم أنها تقضي عقوبة، وقرر حزبها «الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية» مقاطعة هذه الانتخابات، وأعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن الانتخابات في بورما ليست حرة ولا نزيهة، مؤكدا أن الشعب البورمي محروم منذ زمن طويل من حقه في تقرير مصيره مطالبا بالإفراج عن سوتشي وسجناء سياسيين آخرين. وقد أعلنت مصادر رسمية بورمية، أنه سيتم الإفراج عن سوتشي عقب إجراء الانتخابات، حيث فرضت عليها الإقامة الجبرية لفترات متقطعة بلغت 15 عاما على مدى ال 21 عاما الماضية، منذ عام 1989 حيث حصلت في العام التالي على جائزة نوبل للسلام، من أجل دعمها للنضال السلمي. وفي عام 1992 على جائزة جواهر لال نهرو من الحكومة الهندية. كما حصلت على عدد من الجوائز العالمية في مجال حرية الفكر، وتم توقيفها آخر مرة في أغسطس 2009 حيث حكم عليها بالإقامة الجبرية 18 شهرا إضافيا. و«سوتشي» التي درست علوم الاقتصاد والسياسة في جامعة أوكسفورد العريقة، وحصلت على درجة الدكتوراه في العلوم السياسية من كلية الدراسات الشرقية والإفريقية بجامعة لندن، عملت في الأممالمتحدة في نيويورك، وتنتمي لعائلة سياسية عريقة، فوالدها هو الجنرال سان سوكي الذي قام بمفاوضات أدت إلى استقلال البلاد عن بريطانيا عام 1947 تم اغتياله لاحقا على يد منافسيه في نفس العام، أما والدتها فقد عملت سفيرة لبورما في الهند ونيبال. عقب عودتها إلى بورما عام 1988 قادت الحركة الديموقراطية في بورما، وقام الجنرال «ني وين» زعيم الحزب الاشتراكي الحاكم في بورما بتقديم استقالته، ما أدى إلى مظاهرات حاشدة تدعو إلى الديموقراطية في بورما قادتها سوتشي في الثامن من أغسطس 1988، ثم قادت نصف مليون مواطن في مظاهرة حاشدة في العاصمة يوم 26 أغسطس، وفي سبتمبر من نفس العام وصلت قيادة عسكرية جديدة إلى الحكم في البلاد، ومن ثم قامت سوتشي بتأسيس حزب الرابطة الوطنية من أجل الديموقراطية وأعلنت الأمين العام للحزب. وفي 20 يوليو 1989 تم وضعها تحت الإقامة الجبرية، وتم عرض الإفراج عنها مقابل مغادرتها البلاد، ولكنها رفضت. وفي عام 1990 دعا المجلس العسكري الحاكم إلى انتخابات عامة في البلاد وقادت سوتشي حزبها في الانتخابات لتحصل على أعلى الأصوات، ما كان سيترتب عليه تعيينها في منصب رئيس الوزراء، ولكن النخبة العسكرية رفضت تسليم مقاليد الحكم، وبدلا من أن تصبح رئيسة الحكومة الشرعية في البلاد بموجب الانتخابات، تم تغييبها عن الساحة السياسية على مدى عقدين من الزمان. فهل تعود من جديد إلى هذه الساحة بعد الإفراج المتوقع عنها خلال أيام. الأشهر القادمة حبلى بالإجابة