لا عجب في أن يواصل الأسكتلندي أليكس فيرجسون مسلسل نجاحاته على صعيد عمله في المجال التدريبي الذي قارب على دخول عقده الثالث، لأنه دائما ما يجد لنفسه الحافز الذي يجعله يحثها على بذل المزيد، وعلاوة على ذلك أتعب المدير الفني لفريق مانشستر يونايتد عقول بقية نظرائه لما يملكه من أفكار عدة على الصعيد التكتيكي واستحداثه طرقا جديدة بين الفينة والأخرى، أسهمت بشكل كبير في وضعه ضمن أبرز المدربين الذين أنجبتهم كرة القدم. ويعد فيرجسون نادي مانشستر يونايتد أحد ممتلكاته، ولا غرابة في ذلك لكونه يقضي عامه ال 25 داخله، وحقق معه أكبر الألقاب، مثل الدوري الإنجليزي في 11 مناسبة، ولهذا لا يجد حرجا في أن يقحم نفسه في كل ما يدور داخل أرجاء النادي سواء على الصعيد الإداري أو غيره. واعترف الطباخ السابق للفريق رومين، خلال حوار صحافي بأن فيرجسون يدخل المطبخ بنفسه بعض المرات للتأكد من جودة الأكل وقلة الزيوت داخله، إذا كان الفريق مقبلا على مباراة هامة، لحرصه على أن يكون لاعبوه في أتم الجاهزية لخوض المواجهة. وأضاف رومين أن فيرجسون سبق أن طبخ بنفسه بعض الوجبات للاعبين «الأكيد أن فيرجسون شخصية غير عادية في اليونايتد.. يفعل ما يراه مناسبا ولا يمكن أن يعترض أحد على ما يقوم به.. لقد دخل المطبخ في أكثر من مناسبة وطهى بعض المأكولات بنفسه، ولم يكن بإمكاني منعه». واعترف المدرب الذي شارف على دخول عقده السابع، بأنه يتابع النظام الغذائي للاعبيه، ويطلب منهم قبل بداية كل موسم إعطاءه قائمة بالمأكولات التي اعتادوا على تناولها يوميا، وغالبا ما يدون الملاحظات عليها، مضيفا أنه سبق أن عاقب الكثير من اللاعبين من بينهم رايان جيجز، بعدما اكتشف أنه يتناول أطعمة فيها الكثير من الدهون، وكأنه طباخ لسجناء. وبعيدا عن المطبخ الذي دخله فيرجسون ولم يقل إنه مدرب وليس من اختصاصه التدخل في مثل تلك الأمور، يقتنع المدرب دائما بأنه أكبر من نجوم الفريق ودليل ذلك طرده للقائد ديفيد بيكام وهو في أوج عطاءاته وتخليه عن فان نيستلروي بعد أن كان هداف الفريق وقتها، بالإضافة إلى استغنائه عن كريستيانو رونالدو وهو في أوج عطاءاته أيضا. ويقول فيرجسون دائما إن كرة القدم لعبة جماعية، لا تتوقف أبدا على لاعب واحد، بل على العكس يشعر بالخطأ وقلة الحيلة إذا شاهد فريقه يركز على اللعب من جهة واحدة، ويرى أن غالبية التمريرات تتجه صوب لاعب واحد، حتى وإن كان يملك كل الحلول «الفريق يتكون من 11 لاعبا، وإذا اعتمد عشرة منهم على لاعب واحد، فإن ذلك الأمر يدل على وجود خطأ ما.. إما أن الكثير من اللاعبين في التشكيلة دون المستوى، أو أني لم أضع الاسترايجية المناسبة للفريق». ويكرر فيرجسون في لقاءاته الكثير من الجمل التي تعكس عقليته الكروية «كرة القدم لعبة جماعية.. ولا يمكن أن تكون لعبة اللاعب الواحد، لذلك أحارب دائما هذا المبدأ حتى على نفسي، دائما ما يكون الرسم التكتيكي للمباراة على ال 11 لاعبا، وجميعهم يكون له دور في الخطة». ورغم أن فيرجسون انتقل إلى تدريب اليونايتد في 1986، إلا أنه انتظر خمسة أعوام حتى يتوج بأول ألقابه المتمثل في كأس إنجلترا، حيث حصدت إدارة النادي ثمار صبرها عليه طيلة تلك الفترة، ومن بعد ذلك أصبحت البطولات تتوالى على الفريق، بتحقيقه 11 لقبا للدوري وخمسة كؤوس محلية وكأس الرابطة المحترفة أربع مرات، بالإضافة إلى دوري أبطال أوروبا مرتين وكأس السوبر الأوروبي، مع كأس الكؤوس الأوروبية وكأس العالم للأندية مرة واحدة. وتعاقب على اليونايتد خلال فترة فيرجسون أكثر من جيل كروي، كان للمدرب عليهم الفضل الأكبر، بعد أن صعّد رايان جيجز وباول سكولز وروي كين من درجة الشباب، قبل أن يفعل في فترة أخرى الأمر ذاته مع جاري نيفل وديفيد بيكام، بالإضافة إلى تعاقده مع لاعبين لم يعرفوا الأضواء إلا معه، مثل آندي كول وديوت يورك. ووعد الأسطورة ألاسكتلندية جماهير الفريق والمدرب الذي سيخلفه بتجهيز جيل كروي جديد قادر على تحقيق طموحات النادي قبل أن يعلن الرحيل الذي بات موعد إعلانه وشيكا، وحينها سيفقد اليونايتد واحدا من أعظم رموزه واسما صنع تاريخا جديدا للنادي، وعاش معه أفضل حقبة زمنية على الإطلاق. .