كريستيان فريدل-أرنست جايكوبي- لوني بان ايسش الفيلم الألماني: «الشريط الأبيض» تمثيل:سيناريو وإخراج: مايكل هانيكي النوع: دراما اجتماعي احتاج فيلم «الشريط الأبيض»، كما صرح مخرجه، إلى 15 عاما من القراءة والمتابعات حتى تبلورت فكرته النهائية في تشريح المؤسسات والأنظمة الراديكالية التي تفضي إلى التطرف الايديولوجي السياسي أو الفكري من خلال تقديم الأسباب الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي أدت لظهور الفكر النازي. فكانت النتيجة فيلما يحصد أهم الجوائز السينمائية في أوروبا، وأولها السعفة الذهبية لمهرجان «كان» السينمائي للعام الماضي. يبدأ الفيلم بتذكر الراوي «معلم قرية مكلنبورغ» في عودة بالأحداث إلى شتاء عام 1913، أي عشية الحرب العالمية الأولى، وبالتحديد إلى قرية بروتستانتية صغيرة شمالي ألمانيا، يفتقد أهلها التواصل الاجتماعي ويميلون إلى العزلة لكن القسوة هي ما توحد بينهم. إذ تحدث عدة حوادث فظيعة وغامضة، فيتعرض طبيب القرية لحادث مدبر يلقي به في المستشفى، ثم تموت قروية على نحو غامض، كما يتعرض طفل البارون إلى الضرب. أما ابن القابلة المعاق فيتعرض للتشويه، ومن هذه الصور المختلفة للعنف وعن أسباب نشأته يطرح هانيكي تلك القضايا عبر ثلاث شخصيات رئيسية، هي شخصية البارون الذي يعامل العاملين لديه معاملة ظالمة، والطبيب الذي يهين القابلة التي تحبه وتعمل لديه، كما أنه يغتصب ابنته القاصر، والقس رجل الدين الذي يزرع في نفوس أطفاله الصغار الخوف من الخطيئة، ويعاقبهم بالضرب على ارتكاب أهون الأشياء، ويعلق على ملابسهم شريطا أبيض رمزا للعفة والنقاء وتجنب الرذيلة. يعتقد معلم القرية أن العنف الذي يتعرض له الأطفال يحفر عميقا في نفوسهم، ويجعلهم يبحثون عن الأضعف لينتقموا منه، ويصل في النهاية إلى أن الأطفال هم الذين دبروا سلسلة الجرائم التي هزت أركان القرية. غير أنه لا يستطيع إثبات نظريته، بل يثير سخرية وغضب القس عندما يصارحه بذلك. يرصد الفيلم إفلاس منظومة القيم الغربية ويدعو إلى إعادة التفكير فيها حين يقدم قراءة تاريخية فلسفية لأسباب نشوب الحرب العالمية الثانية باعتبار أن «جيل الأطفال» ضحايا العنف سيعلن من تلك القرية نفسها بعد 26 عاما لاحقة، بداية الحرب العالمية الثانية وسيترجم عدوانيته في سلوك نازي دمر أوروبا.