من جنوب شرق الهند، تتألق سريلانكا كعروس في شمال المحيط الهندي بجزرها الخلابة وحقولها الخضراء الزاهية وجبالها الشاهقة وغاباتها الممطرة وشواطئها الرملية المشمسة والشلالات الرائعة. وهذه الطبيعة التي تتميز بها سريلانكا، جعلتها من أهم مناطق الجذب السياحي حول العالم، فمع أنها جزيرة مدارية صغيرة، إلا أنها تتمتع بخيارات عديدة تأسر زوارها بمزارع جوز الهند وحقول الشاي والأطعمة المتميزة والمهرجانات الزاهية، إلى جانب معالمها الحضارية التي تعود إلى العصر الاستعماري وثقافتها العريقة، في حين تتباين تضاريس البلاد مع ارتفاع الأرض انطلاقا من المناطق الساحلية حتى تصل إلى ارتفاع 2500 متر في الكتلة الجبلية الوسطى التي تتدفق منها الأنهار باتجاه البحر، وحين يتأثر مناخها الاستوائي بهبوب رياح موسمية تنهمر الأمطار بغزارة فتبعث النسمات الباردة إلى قمم الجبال التي تكسوها مزارع الشاي معظم أشهر السنة. المدن.. ملاذ الطبيعة إلى جانب موقعها الساحلي وغناها بالأزهار والخضرة اليانعة، شكلت كولومبو، عاصمة البلاد، على مدى قرون طويلة، ميناء مزدهرا لتجارة التوابل، إذ تعاقب على احتلالها البرتغاليون والبريطانيون الذين خلفوا إرثا معماريا من مبان عامة وقصور وقلاع، إضافة إلى الجزء المعاصر منها والذي يضم الأبراج والفنادق الحديثة. ومن أبرز معالم المدينة الحصن التاريخي والواجهة المائية والمتحف الوطني الذي يروي تاريخ الجزيرة. ويتمتع الزائر في منطقة الحصن وشارع جالي بغزارة المنتجات اليدوية وأقمشة الباتيك ومعلقات الزينة الجدارية. وتعد «كاندي» المدينة الثانية من حيث المساحة، وتضم المعبد البوذي الأشهر الذي يشاع أن «بوذا» ترك أسنانه فيه! بينما كتاراجاما هي مدينة السفاري والغابات، ونوراليا المدينة الجبلية الباردة وتسمى مدينة الشاي، وهو المنتج الأهم في البلاد، وتوجد في نوراليا أماكن تستحق الزيارة مثل شلالات «لوفرس ليب»، وغابة «غلوي»، وحديقة «نوراليا» النباتية، وحديقة «فيكتوريا»، ومزارع «إمبوالا» العريضة، إضافة إلى «بحيرة نوراليا» التي لا بد من جولة على القارب كي يستمتع الزائر بسحرها متأملا مصانع الشاي الكثيرة التي تنتشر حول مزارعها الممتدة كبساط أخضر باتجاه الأفق. الغروب.. كما هو في الخيال! إذا كنت ترنو إلى الصفاء الذهني والنفسي، فلا بد أن تستسلم للحظات الغروب الرائعة التي تتيحها شواطئ سريلانكا، منصتا إلى أصوات الأمواج بينما تحلق طيور النورس البيضاء باتجاه أشجار جوز الهند المتوزعة على مساحات شاسعة من الجزيرة. ومن أروع الشواطئ التي يحرص السياح على ارتيادها شاطئ «نيغومبو» المهيأ لممارسة الرياضات المختلفة كالسباحة والتزلج على الماء وكرة اليد وركوب القوارب الشراعية التقليدية، بينما تتميز شواطئ بيرويلا وبينتوتا برمالها البيضاء ومياهها الصافية الشفافة التي يحلو لمحبي الغوص أن يزاولوا هوايتهم في زرقتها. وتنتشر في الساحل الغربي منتجعات سياحية متكاملة الخدمات يجد فيها زوار هذه المنطقة الهادئة شواطئ تحفها أشجار جوز الهند وتحفل بتراث ثقافي غني ومعالم تروي تاريخ الجزيرة العريق والمتنوع. فطرة الأرض من المعروف عن سريلانكا أنها تضم أكبر عدد من الشلالات بين دول العالم، ومعظمها يتركز في مناطق الجبلية وغابات كثيفة تعد بيئة مثالية للحياة البرية التي لا تزال على فطرتها الأولى، إذ تنتشر فيها والفهود والفيل الآسيوي والغزلان والكوبرا والتماسيح وغيرها من الحيوانات، ومن الممكن للسائح أن يشاهد مثلا مواطن تفقيس بيض السلاحف البحرية على شواطئ «كوسجوداء» التي تديرها الجمعية السريلانكية لحماية الأحياء البرية. هديتهم إلى العالم دأبت فتيات قبائل التاميل منذ عدة قرون على قطف أوراق الشاي وفق تقاليد شعبية راسخة، ويبلغ معدل قطف الفتاة يوميا ما يقارب 20 كيلو جراما. ويصل طول شجرة الشاي إلى 15 مترا غير أنها تقطع في الغالب ليبقى طولها بارتفاع المتر الواحد، وقد يبلغ عمر شجرة الشاي الواحدة 50 عاما، وهي تحصد بطريقة سهلة بين أربع وخمس مرات في العام الواحد. ويعد الشاي من المنتجات الرئيسة لجزيرة سيرلانكا، إذ يحلو للبعض تسميته بالبترول الأخضر، فهو يشكل نحو 30 % من الدخل القومي للبلاد التي تضم أكثر من 300 مصنع للشاي تنتج جميعها أجود أنواع الشاي في العالم بمختلف أصنافه ونكهاته قبل أن يباع إلى تجار بورصة الشاي ثم يعاد تعليبه في الدول المالكة للعلامات التجارية مثل بريطانيا وغيرها. التسوق.. والهدايا ستعود من هذه البلاد البسيطة والغنية بعدد هائل من المنتجات الوطنية التي يمكن شراؤها بأسعار زهيدة من ردهات التسوق في «بنتوتاوجالي»، حيث تباع منتجات الدانتيل والعاج المحفور والأحجار الكريمة المصقولة، أو من سوق «كالوتارا»، حيث تنتشر السلال اليدوية، أو بقية الأسواق الشعبية التي يبيع فيها أهل البلاد منتوجاتهم الخاصة من الأحجار الكريمة والفضيات والمنتجات النحاسية والشاي والمنتجات الجلدية والتوابل