جوانب جديدة في تاريخ العلاقة الدينية التي ربطت بين مدينة الزبير العراقية والأحساء خلال قرون مضت، كشف عنها الباحث عبدالعزيز الناصر في محاضرة ألقاها في نادي الأحساء الأدبي أخيرا، مؤكدا أن هذه العلاقة تنوعت بين العلمية والاجتماعية والمصاهرة. وأوضح الناصر أن كثيرا من علماء الأحساء الذين يشار إليهم بالبنان درسوا في الزبير، ومنهم الشيخ محمد بن عبدالرحمن العفالق الذي أقام فيها فأفاد واستفاد، والعالم عبدالله بن محمد أبوحميد الذي تولى القضاء والإفتاء عام 1130ه في عهد أمير الزبير الشيخ عبدالله بن سليمان آل ماضي. وتطرق من خلال مؤلفه الأخير «الزبير وصفحات مشرقة من تاريخها العلمي والثقافي» إلى بداية تأسيس المدينة في بداية القرن ال 11 الهجري، عندما هاجر أهلها أبناء نجد من بلادهم فأقاموا فيها مشيخة هم شيوخها وسادتها المتنفذون، وأقاموا فيها حضارة علمية واجتماعية «ولما كان لأولئك الرجال من أهل الزبير أبناء نجد لقرون أربعة مضت تاريخ مجيد كان لزاما علينا ووفاء لهم ولأبنائهم وأحفادهم أن نخلد ذكراهم بتدوين تاريخهم التليد». وذكر الناصر علماء ومشايخ زاروا الزبير ووقفوا على علومها ونهضتها العلمية آنذاك، ودونوا ما شاهدوه، ومنهم الشيخ علي الطنطاوي في مؤلفه «ذكرياتي»، ومنهم الشيخ مسعود الندوي من علماء الهند الذي ألف كتاب «شهور في بلاد العرب» وتطرق إلى اعتناء علمائها بالحديث وتمسكهم بالعقيدة. وأشار إلى أن الحركة العلمية في الزبير بلغت، حسب رأي الباحثين ومنهم أحمد بن حمد الصالح، حدا لا يتصوره إنسان، حيث وصل من فيهم الكفاءة للتدريس 600 رجل، وبلغ عدد حفاظ القرآن الكريم 1700 رجل، و 290 امرأة، وحفاظ متون الفقه واللغة 500 رجل، و90 امرأة.