تنجرف مع دوامة العمل والحياة، ليتملكها الروتين ويخلط عليها أولوياتها، ولكنها توازن بين بيتها وأطفالها وبين مسؤوليات عملها، دائما تكره النسوة اللامباليات اللواتي لا يحترمن الأنظمة ولا يحملن المسؤولية على محمل الجد، ما إن تدخل في نقاش معهن حتى يسكتنها بالجملة ذاتها «لا تكوني معقدة، ما احد جاب خبر»، فكل شيء يمشي بالبركة. وهكذا تمضي شهورها، وهي تتعجب لحال الهدر النسائي، إلى أن تصطدم بعراقيل العمل في بيئة نسائية، بدءا من الراتب «المقطوع الهزيل» وانتهاء بتسلط المديرة وتعنتها، إذ لا هم لها إلا الخط الأحمر المتعلق بساعات الدوام، متناسية جميع خطوط الحياة الحمراء الأخرى. وما زالت صابرة ف «لقمة العيش صعبة». بالأمس تناست كل شيء، مواعيدها وحقيبة يدها، كل شيء عدا طفلها الصغير المريض، نقلته للمستشفى مفجوعة بين الحياة والموت، تحفه دموعها وخوفها، تلازمه في المستشفى مع أنابيب التغذية وأجهزة الملاحظة الطبية، ويخبرونها أنه سيمكث لأسبوع على الأقل! أسبوع كامل في المستشفى، كيف ستتصرف مع عملها؟ تأتي الإجابة على لسان زميلتها في المكتب، تعالي فقط «وقعي» حضورك ولن يكون غيابك ملحوظا حتى لو استمر لأسابيع ما دام دفتر التواقيع «ماشي حسب النظام». تسمع صوتا يناديها خلف الستارة الفاصلة بينها وبين السرير الآخر، تطل عليها وافدة عربية لمحتها من قبل تتجول بين الغرف بأريحية وتتقاسم النكت والأحاديث مع الممرضات والمرضى، لكنها لا تلبس معطفا أبيض ولا زيا رسميا، لا شك أنها زائرة دائمة هنا. - أختي تحتاجين إلى مرافق بالساعة؟ - مرافق لمن؟ - لابنك. - ولماذا سأحتاج إلى مرافق لابني؟ - أنا ألازم طفلك وأنت تذهبين إلى منزلك أو عملك وتكملين حياتك، أنا معتادة على ذلك والجميع هنا يعرفونني، وأجري يعتبر قليلا، أهتم بالطفل لحين عودتك ب 50 في الساعة أو 300 ريال في اليوم أو حتى أجر أسبوع كامل إن رغبتي. - وكيف ائتمن شخصا غريبا على ابني؟ ربما أحتاج إلى مرافق للمرافق!