أبدت الأوساط الفوتوغرافية السعودية امتعاضا شديدا إثر ما أشيع أخيرا حول تجميد عضوية المملكة في الاتحاد الدولي للتصوير «الفياب» وحظر حقها في التصويت على قرارات الاتحاد وحرمان المصورين السعوديين من المشاركة في مسابقات الاتحاد، والسبب هو الامتناع عن دفع رسم العضوية المستحق والبالغ 200 يورو أي ما يعادل 1200 ريال!. وكان «الفياب» أقام مؤتمره هذا العام في مدينة هانوي، عاصمة فيتنام، بين الأول والثامن من شهر أغسطس الماضي، وهو الحدث الذي شهد غياب المملكة التي بقي مقعدها شاغرا، إذ لم يحضر الممثل الرسمي للسعودية في الاتحاد، بينما شارك بعض المصورين السعوديين بجهودهم الشخصية وبصفة فردية في المؤتمر. وفي محاولة لاستدراك هذا الإهمال، سارع المسؤولون في بيت الفوتوغرافيين إلى تسديد الرسم السنوي بعد انقضاء مؤتمر فيتنام أي بعد ثمانية أشهر على استحقاق الرسم، وظهر عبدالعزيز مشخص، رئيس بيت الفتوغرافيين في المملكة وممثل المملكة في «الفياب»، في الصحف والمواقع الإلكترونية أنكر أن يكون «البيت» تأخر في دفع الرسم، مؤكدا أنه سدد في موعده، ونافيا ما أشيع عن تجميد عضوية المملكة. وفي تعارض واضح مع كلام مشخص، كان أمين «الفياب»، في رسالة خاصة ل«شمس» التي استعلمت عن موعد الدفع، أكد أن ممثل المملكة سدد الرسم بعد مؤتمر فيتنام أي في شهر أغسطس الماضي «وتحتفظ الجريدة بنص الرسالة كاملة». ويسرد المصور العالمي عيسى عنقاوي قصة السداد التي بدأت حين نشرت إحدى الصحف خبر تجميد العضوية والتأخر في الدفع، فبادر الفنان يوسف فلمبان إلى تسديد المبلغ في آخر يوم من شهر أغسطس بحوالة من جدة أودعت في حساب «الفياب» لكنها لم تتضمن رسوم التحويل: «وهذا مرده إلى أن الشخص الذي قام بالحوالة لا يملك الخبرة اللازمة في ذلك». ويروي عنقاوي الذي حضر بنفسه مؤتمر فيتنام على نفقته الشخصية أن «الفياب» آثر ألا يعلن اسم المملكة علانية ضمن الأعضاء المجمدة عضويتهم واكتفى بحرمانها من حق التصويت وذلك بعد مفاوضات وطلب خاص من عنقاوي نفسه: «رضخ الأمين العام لطلبي بألا يذيع الأسماء صراحة أمام المجتمعين تقديرا لدور المملكة وتاريخ بيت الفوتوغرافيين السابق الذي لم يتأخر في دفع الرسوم المقررة منذ عام 1995م». ويعزو المصور هاني الدريعي، رئيس أصدقاء الضوء، مسألة تجميد العضوية إلى «البيروقراطية التي تعيشها جمعية الثقافة والفنون، إضافة إلى التغييرات السريعة التي طرأت على إدارتها، وإن كان هناك مسؤول عن هذا الخلل فهي إدارة الجمعية التي اعتمدت على فرع جدة في كثير من الأمور ووجدت أن الأسهل إلقاء اللوم على آخرين بدل تصحيح الخلل». ولأن الدريعي يرى أن هذا الإجراء الذي اتخذته «الفياب» بحق المملكة يسيء إلى سمعة البلاد، فهو يطالب المسؤولين باتخاذ موقف صارم تجاه هذا الإهمال والتعامل بجدية مع أي متهاون في عمله، وأن تتم محاسبته الآن، وفي المستقبل أيضا. وبعيدا عن هذه الأزمة التي أساءت إلى سمعة المملكة، كما يؤكد المصورون، يبقى السؤال الأهم الذي يشغل بال المهتمين بالتصوير في المملكة: لماذا يستمر تمثيل المملكة خارجيا من خلال لجنة بيت الفوتوغرافيين في جدة، ولا يكون بيد الجمعية السعودية التصوير؟ وفي معرض إجابته عن هذا السؤال، يشكر خالد البدنة، رئيس الجمعية السعودية للتصوير، الجهود التي بذلها ويبذلها بيت الفوتوغرافيين في جدة والنشاطات التي نظمها: «لكن الجمعية السعودية للتصوير الضوئي التي أنشأتها وزارة الثقافة والإعلام هي الجهة الرسمية المخولة بإدارة جميع المناشط والفعاليات الفوتوغرافية في الوطن وخارجه». ورغم مكانتها الاعتبارية كإحدى الجمعيات التابعة للوزارة التي يفترض أن تتولى مسألة التمثيل في المحافل الخارجية، يؤكد البدنة أنه لم يتلق أي تكليف أو توجيه من قبل الوزارة بخصوص مؤتمر فيتنام أو غيره: «وحتى أكون أكثر دقة، كانت هناك مخاطبات من اتحاد المصورين العرب أحالتها إلينا وكالة الشؤون الثقافية بالوزارة، وأرسلت ردنا عليها في حينه دون أن أتلقى أي جواب بعد ذلك». نحن نتطلع لتفعيل دور الجمعية بأن تكون هي الجهة الرسمية المسؤولة عن كل ما يتصل بالتصوير الفوتوغرافي، وأتمنى أن يكون ذلك في القريب العاجل، بإذن الله تعالى، وفق ما تقتضيه المصلحة العامة». وهو الرأي الذي يذهب إليه الدريعي: «لا أعلم سببا يجعل لجنة جدة المسؤولة عن عضوية المملكة بالاتحاد، وإن كان الوضع السابق للجمعية يختلف عن وضعها الحالي، فالأجدى أن يكون هناك تدوير للمسؤولية بين اللجان المختلفة أو نقل هذه المسؤولية إلى جمعية التصوير، خاصة إذا علمنا أن عضوية الاتحاد الدولي أو المشاركة في نشاطاته غير ممكنين لأي مصور سعودي إلا عن طريق فرع جدة مع أن للجمعية أكثر من خمس لجان للتصوير في مختلف مناطق المملكة، وعلما أن بعض المصورين السعوديين يحملون العضوية عن طريق جمعيات تصوير خليجية أو عربية!». وبسبب هذا التقاعس المرير من الوزارة، يلجأ المصورون عادة إلى السفر وحضور المحافل الدولية المتعلقة باختصاصهم على نفقتهم الشخصية دون أن ينتظروا دعما من أحد، والسبب في رأي الدريعي هو غياب المساواة في ترشيح المشاركين من الجهات الرسمية، بينما يذكر عنقاوي أسبابا أخرى: «يعود الأمر إلى سببين، الأول أن رئيس البيت الحالي والذي سبقه لا توجد لديهم الخبرة في إدارة أمور كهذه ومتابعتها، كما أن فرص سفرهم ومشاركاتهم ضعيفة بسبب ارتباطات أعمالهم الخاصة، وبالتالي لا يرفعون بطلب المشاركة، والسبب الآخر أن الفنان المبدع الذي يعمل من أجل بلاده ورفع اسمها في المحافل الدولية يضحي ويشارك على حسابه لكي يكتسب خبرة واحتكاكا مع نظرائه الفنانين من دول أخرى، وهذا ما دأبت على فعله منذ سنوات» .