عندما تكون ميج دونوفان ملتصقة بسماعة الراديو، فإنها لا تعير أي اهتمام لجرس الهاتف المجاور مهما طال رنينه. ويزداد الأمر سوءا إذا كانت تتابع إحدى المسلسلات أو بثا مسائيا لحلقة من الرماة؛ وهي أوبرا ظلت تنقل على الهواء في بريطانيا منذ نحو 60 عاما، وحينها يمكن للمتصلين الانتظار. «لست مستعدة لأن يفوتني أي شيء كما ترى»، قالتها دونوفان، وهي مدرسة متقاعدة. «أكون سعيدة جدا إذا تدخل شخص وأوقفني عن مشاهدة التليفزيون، ولكن ليس أثناء الاستماع إلى الراديو». وهناك جهاز في كل غرفة تقريبا من منزلها في جنوب غرب إنجلترا. وعندما يكون «مزاجها رائقا» فإنه يمكن لدونوفان الاستماع إلى الأخبار، والكوميديا، وقراءة في كتاب، والموسيقى الكلاسيكية، والدراما الجديدة، ومحاضرة في العلوم وتوقعات الطقس أو مسلسل من مئة جزء عن تاريخ العالم. إنها مثال فقط لما يدور الآن في مختلف أنحاء بريطانيا من حب مستمر للإذاعة حتى في عصر التليفزيون الرقمي وتنزيلات البرامج على الإنترنت. وكان من المفترض أن يقضي الفيديو على نجم الإذاعة، ولكن الحقيقة تحولت إلى أن تكون مختلفة تماما. المزيد من البريطانيين يستمعون إلى الراديو أكثر من أي وقت مضى، أكثر من 90 % من البالغين في هذه الأمة التي يبلغ عدد سكانها 60 مليون نسمة. ولا يقتصر الموضوع على كم أذن تستمع للراديو، ولكن يتعلق بالوقت الذي يقضيه هؤلاء في القيام بذلك. وهناك نسبة مماثلة من الأمريكيين الذين تحولوا أيضا إلى أجهزة الراديو. ويبلغ متوسط السماع في أمريكا ثلثي المتوسط في بريطانيا، التي يكرس مستمعوها 22 ساعة في الأسبوع على الأقل للراديو. وليس من الصعب أن نعرف أسباب ذلك بعد أن ساهمت الأقمار الصناعية في جعل الراديو أداة مهمة عبر الاتصال الهاتفي والتمتع بوجبة خفيفة من الموسيقى والأخبار والبرامج الحوارية والدردشة، وأيضا الأفلام الوثائقية والمسلسلات والمسرحيات الأصلية، وبرامج المسابقات، والشعر، وإجراء مقابلات متعمقة، وساعة للنساء، واستعراض الفن والرياضة والتعليق، والمناقشات السياسية، وأكثر من ذلك بكثير. إنها السبب في أن العديد من البريطانيين يمشطون من خلال القوائم الإذاعية الأسبوعية بكل حماس ودقة، في الوقت الذي خصصت فيه صحف ومجلات زوايا لنقاد الراديو.