بين الثابت والمتغير، التزم ماريو فارجاس يوسا الكتابة مع ذاته ونظم حياته وفق ما يتطلب الأدب، فمنح جائزة نوبل للأدب تتويجا لأعماله التي عرت دعائم الاستبداد وانتصرت للفرد وحريته. ولم تكن نوبل أولى إنجازات يوسا، وإن كانت ألمعها، فهذا الروائي البيروي حصد عددا من الجوائز منها جائزة «أمير استورياس» وجائزة «ليوپولدو ألاس» إضافة إلى جائزة «ببليوتيكا بريبه» عن رائعته «المدينة والكلاب». ورغم نشأته في عائلة محافظة ومنغلقة، إلا أن يوسا، الذي ولد في عام 1936م، شب عن طوق العائلة التي لم ترض له أن يصبح كاتبا، وألحقته بمدرسة عسكرية مكنته من التعرف على النزعات الطبقية والعرقية والتناقضات الاجتماعية التي تعاني منها بلاده البيرو. ولأن الكتابة في العالم الثالث لا تؤمن سبل العيش الكريم، فإن يوسا اضطر إلى مزاولة مهن متعددة في حياته بين التدريس والمحاماة والصحافة التي عشقها حد الجنون. ومع تزايد شهرته الأدبية، تلقى يوسا منحة للدكتوراه لدراسة الأدب في إسبانيا، ثم انتقل إلى باريس وعمل في الوكالة الفرنسية، وهناك كتب روايته الأولى «المدينة والكلاب» التي ترجمت إلى نحو عشرين لغة، كما ترجمت أعماله الثلاثين الأخرى إلى لغات مختلفة فأسعدت عشاقه ومحبي أدبه حول العالم. وربما تكون حياة يوسا موزعة بين الأدب والسياسة والتاريخ، لكنه ظل وفيا للأدب وحده بعد أن تخلى عن السياسة بخسارته للانتخابات في بلاده مطلع تسعينيات القرن الماضي، وعن التاريخ الذي لم يعد درسا لأبناء الحاضر على حد قوله. ومع أن اسمه ظل يتردد في الأوساط الأدبية كمرشح محتمل لنوبل طيلة الأعوام العشرة الأخيرة، إلا أن قراءه حول العالم يؤمنون أن الجائزة هي التي تشرفت بمعانقته، فاسمه الأدبي أكثر تألقا مما قد يضيفه بريق نوبل.