في بادرة فريدة لم تشهدها الأوساط الاستثمارية والتجارية السعودية أطلقت الغرفة التجارية والصناعية بأبها مركزا للتوفيق والتحكيم في المنازعات الاقتصادية بآليات جديدة، وحمل المركز الجديد مسمى «مركز مكة الدولي للتوفيق والتحكيم التجاري الدولي»، ويستهدف المركز الجديد إنهاء النزاعات والمشاكل القائمة بين تجار المملكة محليا ودوليا بطريقة إلكترونية توفر الوقت والجهد للمتنازعين عبر موقع إلكتروني جرى تدشينه قبل أيام. ويخفف المركز الجديد عن المحاكم السعودية النظر في مئات الدعاوى يوميا المقدمة من بعض التجار والمستثمرين، كما يوفر مليارات الريالات السنوية من جراء طول فترة الفصل القضائي في المنازعات التجارية، والتي تكبد الاقتصاد الوطني السعودي خسارة أكثر من خمسة مليارات ريال سنويا حسب إحصاءات صادرة أخيرا. وقال رئيس الغرفة التجارية بأبها والرئيس الفخري للمركز المهندس عبدالله المبطي أن فكرة إنشاء مركز للتحكيم الدولي- كوجهة محلية مختصة بمدينة أبها- جاءت نتيجة زيادة القضايا التجارية في الآونة الأخيرة، مشيرا إلى أن المركز يأمل عبر موقعه الإلكتروني تقديم الخدمات الفنية المتخصصة في مجال التسوية السلمية لمنازعات التجارة والصناعة والبيئة والاستثمار، بالإضافة إلي التحكيم، الوسائل الأخرى لحسم منازعات التجارة الداخلية، كالتوفيق والصلح، حيث يتمتع المركز بنخبة كبيرة من المحكمين المهرة ذوي الخبرة؛ مما يوفر بديلا للتحكيم الدولي الباهظ الثمن مثل واشنطن وباريس وسنغافورة، ومصر وقطر والبحرين، وكذلك بديلا عن إحالة النزاعات التجارية والمدنية إلي المحاكم العامة والإدارية التي تستغرق وقتا طويلا في حسم المنازعات. وحسب الدكتور فهد آل خفير الأمين العام لمركز مكة الدولي للتوفيق والتحكيم التجاري الدولي فإن المركز سيتولى استقبال الشكاوى والدعاوى والقضايا وفحصها قبل أن يطلب من المتنازعين التقدم رسميا إلى المركز بمقره الرئيسي في مدينة أبها أو الفرعي بمنطقة مكةالمكرمة بالأوراق والمستندات المطلوبة وتفويضه لتحقيق الصلح والتوافق بين الأطراف المتنازعة، أو الحكم العادل بينهم في وقت لا يتعدي 90 يوما. وشدد الدكتور خفير على أن القضايا المنظورة أمام المركز ستحظى بسرية كاملة، ولا يتم نشرها إلا بموافقة الطرفين، كما يمكن اختيار المحكم المتخصص في موضوع النزاع، وكذلك يمكن للأطراف الاتفاق على تطبيق القواعد الموضوعية القانونية في أي قانون أجنبي، والإجراءات التي يرونها مناسبة لحل منازعاتهم، كما يحق لهم أيضا تخويل هيئة التحكيم الفصل في النزاع وفقا لقواعد العدل والإنصاف، دون التزام بتطبيق القانون؛ مما يمكن الهيئة من الوصول إلى حكم يرضي الطرفين ويبقي العلاقات بينهما، مشيرا إلى أن موافقة السعودية وتصديقها علي اتفاقية نيويورك بشأن الاعتراف بقرارات التحكيم الدولية يجعل قرارات التحكيم الصادرة من مركز مكة الدولي بنفس قوة الأحكام القضائية التي تصدرها في المملكة ومراكز التحكيم الأجنبية بالخارج. وعن آلية عمل المركز واللوائح المنظمة له، قال آل خفير إنه في حالة لجوء المتنازعين للمركز يتم التأكد من عدم وجود مخالفة شرعية فى القضية المتنازع عليها، ثم تقوم أمانة المركز بعد قبول القضية بإصدار الحكم خلال 90 يوما من تاريخه، ما لم يتفق الأطراف على مهلة أطول، ويجوز للهيئة أن تمدد المهلة لمدة واحدة مماثلة، كما يجوز التمديد بعد ذلك بموافقة الأطراف أو بقرار من الهيئة في حال عدم اتفاقهم، وذلك لأسباب تعود إلى طبيعة الدعوى تقدرها الهيئة، ويكون مكان التحكيم طبقا لتعديلات ديوان المظالم الذي يخصص مكانا لإدارة الدعوة، ويعين سكرتير يقوم بعمل كاتب الضبط لملف الدعوة. وتبلغ تكلفة التحكيم 800 دولار في القضايا الدولية و500 دولار في القضايا الوطنية، أو ما يعادلها بالريال السعودي في القضايا المحلية كرسوم إدارية لازمة لإجراء التسجيل، ويتم البدء في إجراءات التوفيق أو التحكيم بقبول الطرف الآخر صراحة طلب التحكيم أو التوفيق، وإذا رفض الطرف الآخر الطلب ولم يتلق المركز أي رد منه في غضون 15 يوما من تاريخ تسلمه الطلب يقوم المركز بإبلاغ الطرف المبادر التحكيم أو التوفيق بالرفض أو بعدم الرد، على أن يتم الانتهاء من الحكم بشكل نهائي في فترة لا تتجاوز 90 يوما .