لم تكن المسافة بعيدة بين ما سطا عليه الناقد الجزائري الدكتور حفناوي بعلي وما طرحه الدكتور عبدالله الغذامي في كتابه «النقد الثقافي» الصادر عن المركز الثقافي العربي ببيروت في طبعته الأولى 2000، حيث مارس الأول تضليلا ثقافيا بسرقته لجمل ثقافية وإبداعية كاملة من الثاني وأسقطها في كتاب له بعنوان «مدخل إلى نظرية النقد الثقافي المقارن» الصادر عن الدار العربية للعلوم ناشرون، بيروت 2007 بل وفاز به بجائزة الشيخ زايد للكتاب في مارس 2010 وقدرها750 ألف درهم إماراتي. السرقة اكتشفها الناقد عبدالله السمطي الذي أكد أن بعلي لم يقتصر فقط على سرقة فقرات الغذامي حيث اقتبس أكثر من 30 فقرة، وأشار إلى خمس فقرات فقط منها، بل اقتبس أيضا من عدد من الكتب النقدية العربية والمترجمة، وأشار إشارات وهمية إلى بعض المصادر والمراجع، وذلك كله مما فات على أعضاء الهيئة الاستشارية لجائزة الشيخ زايد للكتاب والتي من مفارقاتها الغريبة في هذه الواقعة أن الدكتور الغذامي أحد أعضائها وإلى جانبه أيضا الدكتور علي راشد النعيمي ومحمد المر والدكتور رضوان السيد من لبنان والدكتور صلاح فضل من مصر والدكتور محمد كافود من قطر والدكتور عبدالسلام المسدي من تونس، إضافة إلى راشد العريمي الأمين العام للجائزة. والسؤال الجوهري في هذه الواقعة غير الغريبة هو أنه إذا فات على الدكتور الغذامي سرقة جهده الإبداعي أمام عينيه، فما عمل هذه الهيئة الاستشارية؟ وهل تستشار فعلا؟ وإذا كان كل هؤلاء النقاد يقيمون المنجزات المتنافسة فكيف تعبر منهم سرقة كهذه؟ ذلك يقفز باحتمال منطقي وهو أن الهيئة صورية، وأمانة الجائزة تتعامل بمعايير غير موضوعية في توزيع الجائزة حسب موازناتها ورؤية نافذين فيها، ورغم إعلان السرقة لم تكن هناك أي ردة فعل في مستوى الجرم، وذلك له مدلوله أيضا الذي يضعف قيمة الجائزة ويقدح في موضوعية ومهنية القائمين عليها. باستقصاء رد فعل بعض المثقفين السعوديين حول الواقعة يقول الشاعر محمد خضر الغامدي: «حتى لو لم يفز حفناوي بجائزة زايد للكتاب، خصوصا وتجربة عبدالله الغذامي وكتابه الشهير «النقد الثقافي» دراسة لاقت صدى واسعا بين نخب المثقفين والمهتمين في عالمنا العربي قاطبة تلك النظرية التي كتب عنها الكثير من الباحثين والدارسين ولا تزال محورا للحديث بين فينة وأخرى». ويضيف: «مع الجائزة سيصبح هناك صدى آخر وعدد من التساؤلات حول الرقيب والمصداقية وعثرات دور النشر.. تساؤلات لن يكون آخرها هذا الفوز الذي جاء ليشعل أمرا ربما ما كان في الحسبان تماما.. والحقيقة أنني اطلعت على التشابه بين الكتابين وأسجل هنا استغرابي من طباعة صفحات كاملة كما هي دون الإشارة إلى كتاب النقد الثقافي للغذامي.. هذه المرة لم يكن سطرا ولا محض فكرة.. إنها صفحات مأخوذة عنوة.. وطالما سمعنا بالكثير من هذه القصص لمؤلفين وكتاب وشعراء وكثيرا ما قرأنا عن مؤتمرات صارت خاصة بهذا النوع من القضايا التي تحاول معالجة القضايا وأسبابها ليبقى في كل مرة سؤال.. وماذا بعد؟ وأي إجراء يمكن أن يتخذه الدكتور عبدالله الغذامي أولا والجائزة وربما جهات أخرى لها صلة». من جانب آخر يرى علي أبوهاشم أن السطو الثقافي ليس غريبا على مشهدنا الثقافي فقد رصدت ثمة سرقات في تاريخ أدبنا العربي قديما وحديثا، لكن الشيء الذي يبدو غريبا وهلاميا وعبثيا هو كما قرأنا في صحيفة «سبق» الإلكترونية أن الدكتور عبدالله الغذامي هو أحد أعضاء لجنة التحكيم في جائزة الشيخ زايد للكتاب!! فكيف يتم تمرير سرقة كهذه والناقد الجزائري حفناوي بعلي قد سرق كما بينت «سبق» 30 فقرة من كتاب الغذامي «النقد الثقافي»؟! .