رصد التقرير السنوي ال 46 لمؤسسة النقد العربي السعودي العديد من التطورات الإيجابية للاقتصاد السعودية خلال العام الأخير، لكن التقرير الذي أعلنه أمس محافظ مؤسسة النقد العربي السعودي الدكتور محمد الجاسر بمقر المؤسسة بالرياض، تطرق إلى العديد من التحديات رغم «الإنجازات المشرفة». وجاء على رأس التحديات «توظيف الشباب السعودي» الذي اعتبره التقرير أحد أبرز التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، حيث تشير التقديرات إلى أن البطالة بين السعوديين بلغت نحو 9.6 % في عام 2009: «وبالنظر إلى معدل نمو السكان والتركيبة السكانية، لا بد من تكثيف الجهود الرامية لتوطين الوظائف بالقطاع الخاص، وتحديد نسب سعودة تتلاءم مع طبيعة كل نشاط وقطاع على حدة، والعمل على تفعيل الإجراءات والأنظمة التي تحترم الإنتاجية وتحفظ حقوق العامل ورب العمل على حد سواء». أما التحدي الثاني فيتعلق بحسن استخدام الموارد الاقتصادية، خاصة النفط والغاز، حيث بلغ متوسط نمو الاستهلاك المحلي منهما نحو 5.9 % خلال الخمسة أعوام الأخيرة، وهي نسبة نمو عالية مقارنة بنمو السكان، وهو ما يتطلب الترشيد. فيما تعلق التحدي الثالث بتوفير السكن الملائم للمواطنين، واعتبرها قضية ذات أبعاد ومسببات مختلفة «لعل من أبرزها قلة توافر الأراضي القابلة للتطوير داخل النطاق العمراني بأسعار مناسبة لدخل المواطن، وضعف مصادر التمويل بسبب غياب الإطار التنظيمي، وهنا تكمن أهمية إصدار أنظمة التمويل والرهن العقاري». وعن الإنجازات الاقتصادية التي تحققت العام الأخير أشار الجاسر إلى انتهاج مؤسسة النقد سياسة نقدية استهدفت تحقيق الاستقرار في القطاع المالي وتوفير السيولة اللازمة لتلبية احتياجات الطلب المحلي على الائتمان، من خلال حزمة إجراءات استباقية لتعزيز وضع السيولة وخفض نسبة الاحتياطي الإلزامي عدة مرات، وتعزيز وضع السيولة في النظام المصرفي بإنشاء ودائع مع المصارف المحلية لمدد طويلة نسبيا نيابة عن الهيئات والمؤسسات الحكومية بالعملة المحلية والدولار الأمريكي، وخفض تسعيرة أذونات الخزينة، وتسهيل عمليات مقايضة النقد الأجنبي. وبالنسبة إلى السياسة المالية أكد الجاسر نقلا عن التقرير توسع الدولة في الإنفاق العام وزيادة ما تضخه مؤسسات الإقراض المتخصصة بما يقدر بنحو 40 مليار ريال خلال العام الماضي، وأشار إلى تزامن إقرار خطة التنمية التاسعة مع إعلان مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات النتائج الأولية للتعداد السكاني، حيث بلغ عدد سكان المملكة 27.1 مليون نسمة، منهم نحو 18.7 مليون نسمة من السعوديين، ونحو 8.4 مليون نسمة من المقيمين، وبلغ عدد المساكن نحو 4.6 مليون مسكن. وتطرق الجاسر لبعض التطورات الاقتصادية بالمملكة للعام المالي 1430/ 1431ه، والربع الأول من العام الجاري، منها عدم تأثر الاقتصاد السعودي بشكل واضح بالأزمة المالية العالمية بسبب السياسات الرقابية والإشرافية المحافظة، كالاهتمام بمعدلات ملاءة رأس المال والمخصصات الاحتياطية للقروض لمواجهة التقلبات الدورية، مشيرا إلى نمو الناتج المحلي الحقيقي للقطاع الخاص بمتوسط سنوي نسبته 5.1 % في الخمسة أعوام الماضية، وزيادة الصادرات غير النفطية خلال الفترة نفسها بما متوسطه 14.6 %، وتحسن بيئة الاستثمار في المملكة وحصولها على المركز الثامن عالميا في مجال جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة وفقا لتقرير منظمة الأممالمتحدة للتجارة والتنمية «الأونكتاد». وضرب الجاسر أمثلة عملية للإنجازات الاقتصادية للسعودية، منها الحصول على إشادة مهمة من مجموعة العمل المالي لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في تقريرها الصادر نهاية يونية الماضي في مجال التزام المملكة بالتوصيات التسع الخاصة بمكافحة تمويل الإرهاب جنبا إلى جنب مع التوصيات ال 40 الخاصة بمكافحة غسل الأموال لتسجل المملكة المرتبة الأولى عربيا، وأحد المراكز العشرة الأولى في ترتيب دول مجموعة ال 20. وكان خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تسلم نسخة من التقرير مساء أمس الأول بقصره في جدة قبل عرضه صباح أمس بالرياض في مؤتمر صحفي بمقر المؤسسة .