اليوم الوطني يعني أن تتحول الحياة إلى أخضر وأبيض، الطرقات والسيارات والمحال وأوجه الناس وملابسهم وكلامهم أخضر في أخضر. اليوم الوطني يعني أن تحصل على إجازة من العمل دون أن تُخصم من رصيدك السنوي. اليوم الوطني يعني أن تلاحق دوريات المرور سيارة يخرج من سقفها شاب يلوح بالعلم ويرقص. اليوم الوطني يعني أن نشهد اجتماع محمد عبده وعبدالمجيد عبدالله وراشد الماجد.. ولكن هل سأل أحدنا أين هي الوطنية باقي أيام السنة؟ بماذا نحتفل نحن بالضبط؟!. هل نحتفل بانتماء جغرافي أو بما نحمله للوطن في مفهومه الحقيقي، هل نحتفل بواجباتنا تجاهه وحقوقنا عليه، أم بحفظنا وترديدنا للنشيد الوطني؟! هذه الأسئلة لا تحتاج مني إلى طرح أصلا، فما يحتاج إلية منا الوطن يفوق تلك الهتافات التي نهتف بها يوما واحدا كل عام، ولا نكاد نتذكر الوطنية «ظاهريا» إلا فيه، فضلا عن أن اختراق القوانين يتفاقم في ذلك اليوم من تخريب الممتلكات العامة وتعدٍ على الحقوق. أضعف الإيمان على الأقل إن لم نتذكر وطننا إلا في يومه الوطني أن نحتفل بطريقة صحيحة، ولا أعرف من رسخ فكرة أن الاحتفال لا يكون إلا بالتعدي والشغب، والظاهر أنه غدا فقط شماعة للفت الأنظار. أشعر أنه ليس يوما جيدا بالنسبة إلى الشرطة والمرور، وأقترح أن يُصرف لهم في ذلك اليوم بدل رفع للضغط والسكر!. على كل حال، نحتاج حاليا إلى فهم تام لثقافة الاحتفال لنحتفل باليوم الوطني كما يجب بدلا من أن يكون أكثر يوم يحمل إزعاجا وضوضاء في تاريخ الوطن، وأتوقع أن تكون ممارساتنا في احتفالنا الوطني شاهدا على وطنيتنا، وأن تكون وطنيتنا شاهدة على انتمائنا، فالوطن لا يعني أننا نعيش ضمن حدود سياسية فقط، والوطنية لا تعني أن نحتفل بتوحيد الوطن في يوم واحد.