قفزة كبيرة تعيشها الرياضة السعودية في عالم الاستثمار من خلال دخول الشركات الراعية لمختلف الأنشطة. ويعد نائب رئيس الهلال ووكيل وزارة البترول «سابقا» وليد بن محمد الرواف أحد مالكي أكبر شركات التنقيب عن النفط من أوائل المطالبين بالاستثمار منذ أكثر من 13 عاما إلا أن أفكاره لم تر النور بسبب ما أسماه بالعقليات ذات النظرة القاصرة. أمور كثيرة تحدث عنها الرواف يكشفها من خلال هذا الحوار الذي بين أيديكم فإليكم ما دار فيه: أين أنت الآن وهل ستعود مجددا للهلال؟ أنا متابع لأخبار الهلال ومبارياته بصفة شبه دائمة وسأعود له إن شاء الله لأن الوطن يحتاج إلى تضافر الجهود على مختلف المستويات والرياضة السعودية وصلت إلى مكانة عالمية بفضل الله ثم بفضل جهود الأمير سلطان بن فهد ونائبه نواف بن فيصل، وعندما تتحدث عن رياضة وطن يجب أن تذوب «شغلة الأندية». منذ أكثر من عشرة أعوام وأنت مبتعد عن الساحة الرياضية فأين أنت منها؟ الرياضة في دمي، وأصبحت الآن صناعة، وأتمنى أن تأخذ السعودية نصيبها من هذا الزخم الرياضي والرائج الصناعي في العالم. ماذا تقصد بالزخم الرياضي والرائج الصناعي؟ ما أقصده هو أن أي ناد متعاقد مع أي من الشركات ويتقاضى مبالغ مقابل الترويج للشركة فإن هذه المبالغ تذهب دون فائدة وتصرف على طريقة المثل: «من هالك لمالك لقابض الروح».. وهذا الأمر لا يعد استثمارا ولكنه بيع خدمة ليس أكثر.. وكان من الواجب اقتطاع جزء من المبالغ واستثمارها.. لأن صرف المبالغ جميعها يسبب مشكلات مالية أخرى على النادي. عندما طالبت بتفعيل الاستثمار بشكل احترافي قبل 13 عاما قوبلت بالرفض والاستهجان فكيف ترى استفادة الأندية التي تبحث عن الاستثمار والشراكات؟ السؤال هنا هل من الممكن أن نستثمر ونحقق النجاح أم لا والأهم في المقام الأول والأخير هل تحققت الفائدة للوطن. وما وجهة نظرك حيال ذلك؟ للأسف الشديد أعتقد أن الاستثمار بشكله الحقيقي لم يطبق الآن. لو استمر الاستثمار الذي بدأت به في الهلال قبل أعوام وقوبل بالرفض فكم تتوقع أنه سيدر على النادي؟ لو بقي استثمارا واحدا فقط من دون أن أذكره نشطا وأعطي حجمه ووقته فإنه كان سيحقق للهلال 600 مليون دولار سنويا لأنه ليس على مستوى محلي بل تخطى ذلك إلى المستوى القاري لآسيا وإفريقيا لأنه نشاط بمضمونه وباسمه وزخمه الجماهيري. هل تقصد من حديثك الشراكة مع ريال مدريد؟ أحد الأوجه الاستثمارية الشراكة بين الهلال وريال مدريد الذي كان سينتشر في آسيا وشمال إفريقيا، وأذكر حينها أنني اتفقت مع ناديي الأهلي والزمالك المصريين لمشاركة الهلال، وأبديا الاستعداد والجاهزية لكن حدثت بعض العوائق من داخل النادي ألغت هذا المشروع الضخم. وكيف كانت هذه الشراكة ستتم؟ شراكة على أساس أن يكون الهلال وريال مدريد باسم مشترك ومن أبواب هذه الشراكة إنشاء مدرسة أو ما يسمى حاليا بالأكاديمية، مع العلم أن المدرسة ستكون بشكل احترافي وبنطاق أكبر وأوسع من الأكاديمية التي تكون بشكل مصغر. وتنشأ برسوم معينة بحيث يكون في مصر أكاديمية الأهلي والهلال وكذلك الزمالك والهلال، وإذا أجرينا عملية حسابية بسيطة فإن عدد سكان مصر 86 مليون نسمة، وعلى أقل تقدير سيكون هناك 10 % مكتتب من الإجمالي ما يعني جني مبالغ مالية هائلة مع تعميم هذا النشاط على الجزائر والسودان، وهي دول تجري الرياضة في عروقها إلى جانب تميزها بالكثافة السكانية. ذكرت أن هناك معوقات اعترضت المشروع فما هي؟ القريبون بمن فيهم الإعلاميون كانوا يعرفونها جيدا، والمشكلة في بعض العقليات التي كانت تعترض من باب «لماذا يكون وليد الرواف هو صاحب الفكرة ولست أنا»، وهنا يبدأ صراع أسماء ليس أكثر لا علاقة له بالمبدأ أو الموضوعية، إلى جانب أن الوضع الإداري لم يكن مساعدا ف «انسحبت» إلى درجة وصفت بأنني «لا أهش ولا أنش» كما أن هناك أمرا آخر. وما هذا الأمر؟ كنت صاحب فكرة إنشاء موقع نادي الهلال على الإنترنت، وهي فكرة لم تكن موجودة في أي ناد من قبل بعدها تبعت جميع الأندية خطي وأنشأت لها مواقع إلكترونية، وهنا دخلنا في مشكلة أخرى وهي لماذا إدارة موقع الهلال من خارج النادي والأنشطة التجارية يجب أن تدار من خارج النادي مع إشراف أحد أعضاء مجلس الإدارة عليها. ما السر في إدارة الأنشطة التجارية من خارج النادي؟ السر يتمثل في أنه بمجرد دخولها الأنشطة التجارية للنادي ستدخل في معمعة الصراع. هل تقصد الصراع الإداري الذي تعرضت له؟ نعم صراع إداري أدى إلى فشل مخططات ودراسات تجارية كانت ستدر للهلال أموالا طائلة. بعض أفكارك قتلت في المهد رغم أنها كانت تدر على الهلال ثروة طائلة وها هي الآن تنتصر فكيف ترى مستقبل أفكارك التجارية الأخرى؟ مع الأسف الشديد أن الأفكار التي قتلت كانت ستجعل الهلال من الفرق الأغنى في القارة، وفكرة نشاط المشاركة مع ريال مدريد فقط و«المدرسة الكروية» كانت ستدر على الهلال 600 مليون دولار سنويا على الأقل، وهي فكرة واحدة من حزمة 16 نشاطا. وإن شاء الله تعود الأمور لوضعها الطبيعي وتنشط من جديد. لو عرض عليك الاستفادة من أفكارك هل تفاوض لجلب الأموال للهلال؟ الهلال ناد كبير ومليء بثروات أدبية كبيرة متمثلة في الأمير عبدالرحمن بن مساعد رئيس النادي وشقيقه الأمير عبدالله بن مساعد ولديهما الخبرة والقدرة على العمل، ولو أعيدت الأفكار مرة أخرى ووضعت في مجراها الطبيعي وأخذت الجانب الجدي وأبعدت عنها المشكلات غير الموضوعية ستنجح بشكل كبير. وما الحل لتفادي الصدامات والمشكلات غير الموضوعية التي ذكرتها؟ سأتحدث عن الهلال، حيث يجب أن يسند هذا الجانب بكامله للأمير عبدالله بن مساعد لأنه رجل أعمال وصاحب خبرة كبيرة، وأنا متأكد من نجاحه، والأهم أن يخرج النادي من «البيروقراطية». اعترضت على بعض إعلانات اللاعبين التجارية لترويج بعضهم وطالبت بأن يتفاوض النادي مع الشركة، فما الذي تريده من ذلك؟ تدخلت في الموضوع لأن النادي منشأة اجتماعية يجب أن تخرج بأكبر فائدة وعندما تجد من يحاول أن يضع العراقيل ويجعل الأمور تتكالب عليك بشكل غير صحيح فمن الأفضل أن تنسحب وتربأ بنفسك عن ذلك. ولكن مدير أعمال اللاعب سيلعب دور النادي والفائدة نفسها؟ إذا كانت مفاوضات الترويج عن طريق النادي خاصة مع كبرى الشركات فبإمكان اللاعب الحصول على حقوق ومبالغ أكثر بأضعاف ما يحصل عليه بمفاوضاته المبرمة عن طريق مدير أعماله والتي أرى أنها غير مجدية وخطأ كبير لأنه لا يعلم عن الأمور التجارية. كيف تعلق على رعاية شركات الاتصالات للأندية الكبرى؟ كان من المفترض ألا تروج شركات الاتصالات الداخلية عن طريق الأندية لعدم حاجتها إلى ذلك في ظل كثرة استخدامها حتى مع حظرها أحيانا في أوقات قيادة السيارة وغيرها، وهذا ليس استثمارا بل قانون: «تخدمني وأخدمك» ويعني بيع خدمة بالمقابل أو بمعنى آخر هي نوع من «المعونة» للمساهمة في نشاط اجتماعي شركات بهذا الحجم ميزانياته تعادل ميزانيات دول، وكان يجب على الأندية اقتطاع على الأقل ما نسبته 20 %.. واستثماره جيدا لحصد مبالغ أكثر. وما الاستثمار الأنسب في الأندية؟ الاستثمارات عدة فمثلا لماذا لا ينشئ الهلال فندقا وبجواره ملعب مجهز بكامل تجهيزاته لاستقبال الأندية التي تحضر إلى الرياض بجانب مجالات أخرى للترويج مثل إنشاء مصانع لمنتجات الأندية بمشاركة إحدى الشركات الكبرى المتخصصة. كيف ترى عقد الشراكة الاستراتيجية بين الهلال وشركة موبايلي الذي تتراوح قيمته بين 75 و 77 مليون ريال للسنة الواحدة؟ نادي الهلال له تأثير كبير جدا في مبيعات «موبايلي» أكثر من تأثير الشركة فيه، وكون الهلال أحدث إضافة على «موبايلي» فلا مانع أن يكون العقد لستة أو سبعة أعوام، ولكن يجب أن تصاغ العقود بشكل دوري وسنوي. بعد توجه الهلال للاستثمار هل شعرت بأن فكرتك أخذت وضعها؟ الحمد لله أن الفكرة وجدت ولكن يجب تطويرها في ظل وجود عقليات طيبة جدا تريد أن تعمل وإدارة المؤسسة التجارية إذا أسيئت فشلت والعكس صحيح. هيئة دوري المحترفين بدأت منتجات الأندية ب «الأشمغة» والملابس الداخلية للأندية كيف ترى الفكرة؟ لم أطلع على شروطها وأسسها وأنظمتها وخططها لكي أجيبك ولكن محمد النويصر صديق عزيز وعمل في «بترومين» وهو المجال الذي أعمل فيه، ولكن قرأت عبر الصحف عن المنتجات وأن الهلال حقق النسبة العليا في المبيعات، ولكن يجب ألا تؤخذ الأنشطة التجارية في الأندية على صعيد شخصي أو توضع على ناد معين بحيث تظهر أرقام تؤكد أن نسبة الهلال العليا فيخرج من يكذب الخبر من أندية النصر والاتحاد والأهلي. ويجب أن تتوحد جميع الأندية لخدمة مصالحها والكيان بعيدا عن الصدامية التي ليست في صالحهم. الأرقام التي ظهرت تخص الأندية الكبار فكيف ترى الوضع بالنسبة إلى الأندية الأخرى؟ الأندية الصغيرة هي التي يجب أن تبحث عن شريك ورعاة لأن معظمها يستسلم ويعتقد أن الرعاة لا يريدون سوى الأندية الكبيرة ولا بد من وجود مختصين يبحثون ويفاوضون الرعاة ومثلا القصيم يوجد فيها أنشطة تجارية كبيرة وأندية الحزم والرائد والتعاون يجب أن تستفيد منها ومن دعم أمير المنطقة الأمير فيصل بن بندر في حث الشركات على الدعم في ظل ترامي أطراف القصيم وكثافة سكانها. ولقب سكري القصيم المعروف به التعاون كلمة ترويجية لأحد أنواع التمور، ويجب أن يستفاد من القصيم كثقل تجاري وشعبي.. والأمر نفسه ينطبق على الأندية الأخرى. ورعاية الأنشطة التجارية ليست حكرا على الأندية الكبيرة. ليس صحيحا حكر الرعاية والأنشطة التجارية على الفرق الكبيرة. كيف تقيم وضع الهلال؟ أتمنى استمرار نجاح الأديب الشاعر الأمير الحساس عبدالرحمن بن مساعد ويواصل الانتصارات وتحقيق البطولات خاصة الآسيوية التي أصبحت قريبة جدا من البيت الهلالي ومنها إلى كأس العالم، ورغم أن الأمير عبدالرحمن بن مساعد لم ولن يتفوه بذلك لكن أقرأ في عينيه ومن خلال جلوسه في الملعب ووضع العصا ونظراته أنه محبط من أعضاء الشرف الذين يعتقدون أن الهلال ليس في حاجتهم نظير المبالغ التي يتحصل عليها من رعاية الشركات، وهذا ليس صحيحا لأن الشرفيين هم الوقود للنادي، وتأكد أن ريال مدريد عندما أراد مشاركة الهلال سأل عن رجالاته وأعضاء شرفه. هل سألوك شخصيا؟ نعم، وأعطيتهم العديد من الأسماء الشرفية ما شجعهم على الشراكة، وأذكر أن السيد فورنتي رئيس ريال مدريد آنذاك وكان أمام خيارين أحدهما مشاركة شيميزو الياباني والآخر الهلال السعودي، وعندما سألت عن ذلك أجبت بأنه إذا كان يريد المال فليذهب مع شيميزو، أما إذا أراد الجماهير والشعبية فليتجه للهلال، فأخبرني أنه ليس بحاجة إلى المال، واختار الهلال وأشار إلى أنه يحتاج إلى الهلال أكثر من حاجة النادي إليه. وعندما خاطبت به بعض الهلاليين قالوا لي لماذا تحضر لنا ريال مدريد فنحن لسنا بحجمه فأكدت لهم أننا بحجمه ونصف. أتفسر ذلك بأن نظرة الهلاليين كانت قاصرة؟ للأسف الشديد نعم، كانت قاصرة وأصبت وقتها بإحباط فلماذا نستصغر أنفسنا بهذه النظرة الدونية. من الذين أحبطوك؟ آمل أن تعفيني من ذكر الأسماء أو تحديد المناصب، والأمر حدث بغض النظر عما إذا كانوا أعضاء شرف أم لا. أعلنت إحدى الشركات المتخصصة أن الهلال هو الأكثر شعبية على مستوى المملكة فكيف ترى ذلك؟ أنا كهلالي أقول نعم، فالهلال معروف بشعبيته الجارفة لكن سيخرج نصراوي واتحادي وأهلاوي وغيرهم ويرفض ذلك لأن لديه قناعة معينة. ومن الصعب بل من المستحيل أن تقنع أحدا بذلك .