المتابع القريب للوسط الدرامي يلمس بزوغ ظاهرة جديدة لم تكن موجودة إلى أعوام قريبة ألا وهي الملاحقات القضائية للمسلسلات من قبل جهات بعيدة عن الفن، أشخاصا كانوا أو مؤسسات، وأصبحت هذه الظاهرة «موضة» جديدة نعيشها مع كل ماراثون درامي حتى أصبح الجمهور والإعلام يتنبأ بالأعمال التي ستنالها تلك الملاحقات والدعاوى قبل العرض، إلا أنه من خلال اطلاع عن قرب على هذه الأصوات التي تتعالى من وقت إلى آخر وتهدد المنتجين والفنانين بجرهم إلى ساحات المحاكم نجد أن تلك المحاولات وهمية وغير جادة ويهدف أصحابها إلى لفت الأنظار أكثر مما أنهم ينوون ذلك بجدية، والعام الجاري شهدنا نماذج على تلك الدعاوى الوهمية التي تحمل أكثر من وجه، فإما أن تكون فرقعة مفتعلة من طواقم العمل أو رغبة ظهور ومحاولة ابتزاز من أطراف لها أهداف أخرى، ونستعرض هنا بعض الحالات التي عايشناها من خلال الدراما المحلية والعربية.. قبل بضعة أشهر لاحق صاحب أحد المطاعم الشهيرة في الرياض طاقم مسلسل «37 درجة» لعرضهم مشهدا لحالات تسمم وادعى أن المخرج لم يخف شعار مطعمه مما سيلحق به عددا من الأضرار المادية الجسيمة، وهدد بتصعيد القضية قانونيا للمطالبة بتعويض عن هذا الجرم الذي اقترفه الفنانون في حق منشأته إلا أن شيئا من ذلك لم يحدث، وغاب الصوت العالي ومشت الأمور بسلام. العام الجاري أيضا في مسلسل «طاش ما طاش» الذي نستطيع أن نطلق عليه «أبو الدعاوى القضائية» على صعيد الدراما المحلية هدد محام كويتي برفع دعوى قضائية ضد فريق العمل بسبب ادعائه بأنهم تناولوا قصة موكلته المتهمة بحرق الخيمة في أحد أفراح الكويت، وقلل مدير إنتاج مؤسسة الهدف عبدالرحمن الزايد حينها من حديث المحامي مستبعدا أن يكون سياق القصة تناول ذلك الأمر. وهدد المستشار القضائي الشيخ صالح اللحيدان برفع دعوى قضائية ضد المسلسل بعد عرض حلقة تعدد الأزواج استنكارا منه على الأفكار التي روجت لها الحلقة على حد وصفه. في العام قبل الماضي انتشرت شائعة عن ملاحقة مواطنين الفنان فايز المالكي قضائيا، وتناولت المواقع والصحف الإلكترونية الخبر على محمل الجد، ولكن حالة الترقب التي عاشها الفنان وبعض المحايدين في الوسط كشفت أن الأمر مجرد «بروباجندا» لا أصل لها وإنما تم ترويجها لأهداف أخرى. والأمر نفسه دار مع عدد من المسلسلات التي تنتجها مؤسسة الصدف مثل «أسوار» و«أيام السراب» بسبب الجرأة في الطرح وتخطي الحدود الحمراء. وإذا ما سلطنا الضوء على الدراما العربية فإننا نجد الأمر منتشرا بصفة فجة للدرجة التي يخيل للمشاهد أن وراء كل مسلسل محاميا يحمل في حقيبته دعوى قضائية ضد بطل العمل والمنتج، ومن أشهر الأعمال التي لاحقتها الدعاوى التي لم تثمر إلى الآن مسلسل «زهرة وأزواجها الخمسة» بسبب عدد من التعديات مثل الإساءة لقطاع التمريض «بحسب إحدى الدعاوى» وخدش الذوق العام وهلم جرا، كذلك تعرض الفنان يحيى الفخراني في مسلسل «شيخ العرب همام» لإحدى هذه الدعاوى التي تعودنا أن تلاحق الأعمال التي تسلط الضوء على تفاصيل حياة الشخصيات، وأصبح الأمر يدور بصفة سنوية حتى أفقد الأمر جديته. ومن اللطائف أن نقابة الأطباء رفعت دعوى ضد مسلسل «العار» بسبب مشهد للفنان مصطفى شعبان وهو أحد المشاهد التي تدينه بالتدخين.