بداية عيدكم مبارك، أعاده الله علينا جميعا بمزيد الإيمان والعزم والتمكين. انقضى الشهر الفضيل بلياليه البيض وأجوائه الجميلة، وقد اختنق البث الفضائي العربي بمئات المسلسلات والبرامج عبر قنواته التي يدار بعضها من شقق صغيرة وراء البحار. لكن البرامج الجادة التي تخاطب الفكر وتجدد الإيمانيات بأسلوب العصر، والمسلسلات الرصينة غير المعلبة أو سريعة التحضير، هي ما تحوز متابعة الجمهور محليا وعربيا. وأريد أن أتناول في هذه العجالة المسلسل الكرتوني المحلي « شوربة وخل » كمثال. المسلسل من عنوانه وجبة إفطار خفيفة وسهلة الهضم بالنظر لطبيعته برسومه المحببة التي تصور الحارة الشعبية بمنازلها الوادعة وسكانها المترابطين، ما يعيد المشاهد إلى ذكريات ما قبل إفرازات الطفرة، فيهيئ مزاجه وفكره لقبول ما يريد. «لورنس» بطل العمل وبقية طاقم المسلسل طرحه من ظواهر ومشكلات اجتماعية بأسلوب بسيط وبعيد عن التكلف وباللهجة الشعبية العريقة. الشوربة وجبة خفيفة ولا تأخذ وقتا طويلا لتناولها، وكذلك هذا المسلسل الناجح فكل حلقة لا تتجاوز العشر دقائق أو أقل وهذا من أسباب نجاحه في نظري، لأن الصائم وقت الإفطار بحاجة إلى ما هو خفيف ومسل ومفيد في نفس الوقت، وهذا ما حازه كله مسلسل «شوربة وخل». لورنس بطل العمل معروف بأنه قادم من عالم الإنترنت المفتوح، واشتهر بمداخلاته ونقده وقفشاته التي جلبت له الشهرة في «البالتوك» والذي لقب على أثرها بشيخ البالتوك. لكن بالطبع هذا الفضاء المفتوح بلا قيود له إيجابياته وله سلبياته وليس هنا مجال نقاش ذلك. إنما فاجأ منتج العمل الجمهور باختياره لورنس لأنه يملك من المواهب ما يؤهله لأعمال جادة مثل هذا العمل. الطاقات والمهارات والمواهب إذا وجدت القنوات الفاعلة لطرح ما لديها فستثري مجتمعاتها وتسهم في تنميتها وتقدمها، أما إذا لم تجد فستضيع أو تصبح عوامل تأخر أو هدم.