لا يكاد يمر يوم حتى نرى إعلانا في صحيفة أو عبر البريد الإلكتروني عن دورة في البرمجة اللغوية العصبية، واستراتيجيات النجاح، وإطلاق الوحوش الكامنة في أعماقنا، ووصفات نجاح أعظم رجال الأعمال، وغيرها من الدورات الكثيرة، وللأسف أصبح الكثير من الأشخاص يعيش على بيع الأحلام للبسطاء بواسطة هذه الدورات، ولست أقول: الكل، إذ إنه يوجد بعض المدربين مشهود لهم فعلا بالكفاءة العالية وبالاعتماد من العديد من الجهات الحقيقية والعالمية في هذا المجال. في إحدى المفارقات، التي تضحكني دائما، أن أرى دورات تهدف إلى صنع المدربين في هذا المجال، وتكون هذه الدورة مكونة من محاضرة أو عدة محاضرات في يوم واحد، يخرج بعدها الشخص وهو مدرب عالمي معتمد من عدة جهات تدريبية، ومن ثم يقيم هذا الشخص دورات، لا رقيب ولا حسيب عليها، للعديد من الناس ويوهمهم بأنهم هم أيضا أصبحوا مدربين معتمدين ويكسب الأموال منهم. أضف إلى ذلك الأسعار التي تقدم بها هذه الدورات في طريقة تفتقر إلى التنظيم والثبات، فغالبا ما تكون مرتفعة الأسعار مقارنة بالمحتوى والمدة التي تقام خلالها الدورة، إلى درجة أننا أصبحنا نسمع أن هذه الدورات تحولت إلى مصادر دخل واقتصاديات ثابتة لبعض مقدميها، ويتم عمل جداول خاصة لمواعيدها ولعدد المقاعد فيها وحساب الفائدة المالية المرتجعة. ألا يجب أن تكون هناك جهة رقابية تعنى بتنظيم وإدارة مثل هذه الدورات، وتحدد الصالح والطالح منها؟ والأهم من ذلك تحديد من هم أهل لأن يقدموا الدورات ويدربوا غيرهم، ومنع من لا تتوافر فيهم كفاءات ومتطلبات المدربين الحقيقيين. الانفلات الذي نراه في هذا الجانب ولم نتناوله كثيرا، سيؤدي إلى نتائج سيئة على المستوى البعيد، وسيفتح بابا للعديد من المحتالين للنصب على أناس ظنوا أنهم سيستفيدون من مثل هذه الدورات، وبعد فترة من الزمن سنجد أن المجتمع بأكمله أصبح من المدربين المعتمدين العالميين، ولكن سيدربون من؟ «ولا أقلك: إيش رأيك تدربني وأدربك؟».