عندما تعيش بدايات حياتك (الفكرية) ملتقما ثدي من تعتقده (شيخ طريقتك)، فلا بأس عليك، فالجميع مر على شيخ كشيخك.. فطم من فطم، وتجشأ من تجشأ! لا بأس أن يكون هناك «رضاع فكري» في فترة من فترات حياتنا المبكرة. وهل هناك من لم يرضع؟ لكن الجديد هنا أن كثيرا من راضعي الأثداء لم يستطيعوا فطاما. والمصيبة أنهم يتنقلون من ثدي إلى آخر بلا وعي، إذ إنهم جبلوا على الرضاع ويحسبون أنهم قد فطموا. عندما ينعتق الكثير منهم من أفكارهم السابقة ويبدؤون ماراثون المراجعات، يحسبون أنهم تخلصوا من وصاية رمزهم السابق، والحقيقة أنهم انتقلوا فقط من وصاية أحدهم إلى وصاية آخر. أناس اعتادوا أن يناموا في بيوت مسقوفة ومحمية مطمئنين بسذاجة إلى سلامة أفكارهم، فلذلك فهم لا يستطيعون العيش في الهواء الطلق. هؤلاء هم «الدراويش» الذين رضعوا حليبا لا يزال عالقا في تفاصيل أذهانهم. «الدروشة» هي أن تكون تحت الوصاية بلا بصيرة، و«الدروشة بلس» هي أن تنتقل من وصاية أحدهم إلى وصاية آخر. في لحظة تجلٍّ، يكتشف أحدهم أنه يرزح تحت وطأة ذلك الرمز وفكره، وفي لحظة تجلٍّ أخرى يكتشف أنه لا بد من الانعتاق من تلك الوصاية البغيضة لعقله، وفي لحظة هذيان، يكتشف أنه لابد من «النور»، عندها يعلن أن لا «رضاعة» بعد الآن، ليجد نفسه يتقلب في مناحي «المنتديات» يبث مراجعاته وأفكاره غير المختلطة بفكره البغيض السابق. ولم يعلم أنه فقط.. انتقل من ثدي إلى آخر بلا وعي. فلذة الحليب.. ما زالت تشبع دروشته.