طالب الداعية المعروف الشيخ الدكتور سلمان بن فهد العودة، دول الخليج بعدم الاتكاء على النفط، والتفكير في القيام بمشاريع ربما تعتمد على النفط الآن، ولكنها تصبح استثمارا جيدا لمستقبل الأجيال القادمة. وذكر الشيخ العودة أن هناك دولا لا يوجد فيها نفط ومع ذلك استفادت من منتجات النفط في مصانع وصناعات تحويلية وإبداعات غير عادية كما نجد في سنغافورة وغيرها. وأضاف «مما لا شك فيه أن اكتشاف النفط في الخليج هو واحد من المتغيرات الضخمة، ولنا أن نتخيل النتائج التي ترتبت على اكتشاف النفط في الخليج، من الشركات والمؤسسات والطرق والمدن والثروة واعتبارات كثيرة، فالنفط كما يقولون «سلعة مجنونة» أو «سلعة متذبذبة» أسعارها ترتفع وتنخفض وفق مؤشرات معروفة أحيانا وغير معروفة أحيانا أخرى، ولذلك في أي وقت يمكن أن تتأثر هذه السلعة. وأضاف الدكتور العودة، عبر برنامجه «حجر الزاوية» الذي يبث على فضائية mbc، أن هناك دولا كثيرة جادة في البحث عن بدائل، مشيرا إلى أن الخبير الاستراتيجي الأمريكي دنس روس كان يتحدث بقوة عن قضية وجود البدائل ولكنه يعترف بأنه إلى 20 عاما يصعب وجود بدائل يمكن أن يستغنى بها عن النفط، بينما الرئيس الأمريكي أوباما تحدث عن أنه خلال عشرة أعوام يجب أن نستغني عن نفط الخليج العربي. وأردف قائلا إن هذا يشير إلى أن هناك بدائل للاستغناء عن النفط، كما أن هناك بدائل نفطية في الاستغناء عن نفط الخليج العربي بحيث تقل أهمية المنطقة، متسائلا: ماذا سيحدث إذا تخيلنا أن هذا النفط تأثر أو وجدت البدائل أو حتى نفد؟ لافتا إلى أن النفط له عمر معين وكل شيء له أجل، فبعضهم يقول: قد ينضب خلال 30 أو 40 أو 50 عاما أو أقل أو أكثر، وأيا كان الأمر فإن النفط لا يمكن أن يبقى إلى ما لا نهاية. وتابع «ولذلك فإنه يجب عدم الاتكاء على النفط والقيام بمشاريع ربما تعتمد عليه الآن، ولكنها تصبح استثمارا جيدا لمستقبل الأجيال المقبلة». وفيما يتعلق بإدمان النفط، قال الشيخ سلمان: لأن يكون العربي يساوي البترول في نظر الكثير من الناس، أو أن هناك بنية تحتية أو اعتمادا كبيرا على النفط في حالة توقفه أو ضحالته فإننا سنواجه مشكلة كبيرة حتى في تلك البنى التحتية التي أنشأناها والمؤسسات التي أقمناها ومستقبل الأجيال الذي ينتظرنا، مشيرا إلى أن الماء أغلى وأهم من النفط، وربما نشهد الآن بداية حروب القرن حول الماء، وعلى سبيل المثال، فإن ما يحدث في دارفور جزء من حرب على موارد المياه. وأضاف أن الماء يستخدم عندنا بهدر كبير، فمعدل استخدام الفرد الخليجي للماء أكثر من معدل استخدام الفرد في أوروبا، مشيرا إلى أننا اتكأنا على النفط كثيرا حتى أصبح مظهر دول الخليج من مظاهر الدول المتقدمة لكن مخابرها من مخابر الدول النامية في الغالب، حيث نجد أن هناك عمارات شاهقة ومباني فخمة وطرقات وسيارات حديثة ومباني مدرسية حديثة وملاعب رياضية ونوعا من الوجاهة، ولكن هناك غيابا للفعل المؤسسي سواء فيما يتعلق بالتخطيط أو العمل والممارسة، لافتا إلى أن غياب المؤسسية في هذه المجتمعات أثر في وضعيتها وساهم في تأخرها وعدم استيعابها لما يمكن أن يحدث في المستقبل من جراء غياب النفط. وتعقيبا على مداخلة تقول: إنه في هذه الحالة تأتي لعبة استراتيجية الإدارة طويلة الأمد أكثر من كونها قضية سياسة، فهناك إدارة مؤسساتية ناضجة على كافة مستويات الأنظمة المؤسساتية للمجتمع وليست قضية حكومات، قال الشيخ العودة: لا شك أن النفط نفعه عظيم في تقدم دول الخليج وأهميتها، ولك أن تقارن، على سبيل المثال، بين دول الخليج وبلد مثل إندونيسيا والتي يبلغ تعدادها 220 مليونا، أو بلد مثل بنجلاديش التي يبلغ تعدادها 135 مليونا، أو بلد مثل نيجيريا التي يبلغ تعدادها 125 مليونا، وهذه كلها بلاد إسلامية وضخمة من حيث العدد السكاني. وأضاف: لكن تجد أن هذه الدول لا تذكر في الأخبار إلا في حالة وجود كارثة فيضان أو طوفان أو زلزال أو كارثة قدرية أو في حالة وجود حرب أو انقلاب أو خبر عابر ثم ينتهي الأمر، بينما تجد أن دول الخليج تظل ملء سمع العالم وبصره وفي صدر قائمة الأخبار، كما دخلت المملكة ضمن قائمة مجموعة الدول ال 20، مما يعد اعترافا من العالم بأهمية هذه الدول وتأثيرها .