لام الداعية الكويتي المعروف الشيخ نبيل العوضي على أصحاب الاتجاهات الإسلامية عدم اهتمامهم بالإعلام بوصفه وسيلة عصرية لنشر القيم والأهداف الإسلامية، مشيرا إلى أن الشواهد التي سجلتها البرامج الدعوية خلال الأعوام الماضية تؤكد أن الإقدام على هذه البرامج مجال استثماري مربح على المستويين الديني والمالي. وطالب العوضي في حوار مع «شمس» الممثلين بتقوى الله وعدم تقديم ما يثير شهوات الناس، معتبرا أن البرامج الدينية تمكنت خلال شهر رمضان الحالي من سحب البساط من تحت أقدام الدراما التي كانت متسيدة في السابق. وتطرق العوضي إلى العديد من قضايا الشباب، خصوصا لجهة علاقتهم بالدين، وكيفية مساعدتهم على التخلص من السلبيات التي يفرضها عليهم الفراغ.. فإلى نص الحوار: كيف وجدت أصداء برنامجك الرمضاني لهذا العام «فضائل» وقد مضى عليه أكثر من نصف شهر؟ الحمد لله هذا أول عام ندخل بعض القنوات الجديدة مثل «mbc» و«الظفرة» بالإضافة إلى بعض القنوات العربية الأخرى. وكان برنامج فضائل هو البرنامج الثاني بالنسبة إلي بعد برنامج تليفزيون «الوطن» واسمه «مشاهد»، ومن أول يوم في «فضائل» نتلقى ردود الفعل عبر موقعنا على الإنترنت وصفحتنا في الفيس بوك والبريد والاتصالات والرسائل من داخل الكويت وخارجها، خصوصا من المملكة حيث المشاهدة الأعلى لقناة «mbc». و الحمد لله كانت كلها إيجابية لأننا نتكلم عن فضائل الأعمال، وهو موضوع يوافق عليه الجميع ويستحبه الجميع. وزع البرنامج هذا الموسم على قنوات كثيرة كما في كل موسم لكن هل أثر عرضه على شاشة «mbc» كثيرا في معدل المشاهدة؟ بلا شك «mbc» كما يعرف الجميع هي القناة الأكثر مشاهدة في العالم العربي وحتى خارج العالم العربي لها نسبة مشاهدة، والحقيقة أن هناك ردود فعل هذا العام من دول جديدة خاصة في المغرب العربي وأوروبا. وقد تلقينا اتصالات كثيرة من دول ما كنا نسمع فيها ردود أفعال في الأعوام الماضية. كما أن وجودنا في «mbc» في حد ذاته مكسب. بعد هذا الانتشار الإعلامي كيف تقرأ حضور البرنامج الديني في رمضان؟ مشاهدو البرنامج الديني ليسوا من المتدينين فقط، فالناس العاديون والمشغولون بتجارتهم وحتى البعيدون جدا عن الدروس الدينية والمساجد هم أغلب المشاهدين للبرامج الدينية في هذه الفترة، وهذا يرجع إلى عدة أسباب فأولا لأنها صنعت بصورة تناسبهم. وثانيا لأنهم في تعطش أكثر من غيرهم، وإذا عرض الموضوع بأسلوب حسن فإننا نجد الإقبال من غير المتدينين أكثر من المتدينين أنفسهم وهذا في حد ذاته إنجاز. وفي هذا الإطار أنبه إلى أن أي شيخ يستطيع أن يبدع ويوصل رسالته بطريقة تختلف عن الطريقة التقليدية. ليس شرطا أن يسافر كما سافرت أنا إلى بعض الدول أو يصور تصويرا خارجيا، لا، فالإبداع أحيانا قد يأتي على طاولة، فيكون في الإلقاء إبداع... في سرد الموضوع إبداع.. في طريقة العرض إبداع.. في عرض بعض التقارير إبداع. لكن هل استطاع الدعاة أن ينجحوا في هذا السباق الإعلامي الكبير؟ نعم، البرامج الدينية - وكما تظهر بعض الإحصاءات - تنافس حتى المسلسلات وهذا الأمر ملحوظ بل إنها قد تحوز نسبة المشاهدة الأكبر، خصوصا أن كثيرا من الناس في رمضان لا يحب أن يضيع وقته في بعض المسلسلات، فيكون البديل الوحيد هو البرامج الدينية بتنوعها وكثرة صورها وانتشارها في القنوات المختلفة. ما أبرز الملاحظات التي سجلها الدكتور العوضي على الإعلام الديني من خلال مشواره الإعلامي الممتد؟ أول ملاحظة أننا نحن المتدينين لا نلقي لهذا الأمر الاهتمام الذي يستحقه، فالحرب اليوم حرب إعلامية والمنافسة قائمة بين كل التوجهات ومن دول أخرى. المشكلة أن الإسلاميين لا يعون هذه الأهمية ولا ينفقون عليها الأموال.. اليوم البرامج الدينية تستطيع من خلالها أن تسترد كل رأس مالك، مهما أنفقت عليها إذا كانت الفكرة مبدعة وطريقة التصوير والإخراج والإلقاء متطورة تستطيع أن تسترد كل رأس مالك بغير خسارة، لكن بعض الناس يظن أنه سيدفع فقط، ويتعامل بالأسلوب الخيري القديم على طريقة تبرع لله وارم أموالك. لهؤلاء أقول: «هذا إعلام والإعلام تجارة وتستطيع أن تستفيد منه، لكن المشكلة أننا لا نختار الوقت الصحيح والبرنامج الصحيح والشخص الصحيح ولو فعلت ذلك لنجحت لكن للأسف، الإسلاميون مع الإعلام لا يزالون أقل من مستوى الحدث». صحيح هناك بعض الدعاة بدؤوا، وبعض الجهات الإسلامية بدأت تهتم بهذا الأمر، كما أن بعض المحسنين بدؤوا يتوجهون إلى هذا الجانب، لكن الإعلام بحاجة إلى أن ننتبه إليه أكثر. في اليوميات الرمضانية، ما البرامج التي تجذب الشيخ العوضي على التليفزيون؟ أنا وقتي ضيق جدا في رمضان بالنسبة إلى التليفزيون ومع أن لدي برامجي التليفزيونية لكنني قليلا ما أتابع التليفزيون لانشغالي. والحقيقة أنني لو تابعت، يكون برنامج الشيخ سلمان العودة «حجر الزاوية» على«mbc» في المقدمة، فهو يشدني جدا لما فيه من إثراء ومعلومات متجددة وإضافية في كل حلقة. الدراما في رمضان تبقى منافسا صعبا، كيف يقرأ الشيخ نبيل هذا التنافس الفضائي على المشاهد؟ الأصل في رمضان كان الدراما، لكن اليوم البرنامج الديني هو اللاعب الجديد، الذي سحب البساط منها رغم كثرة المسلسلات واستغلالها لجانب إثارة الشهوات عن طريق الفتيات و الملبس الذي لا يناسب شهر رمضان ولا غير رمضان أصلا. والناس بطبيعتها فيها حب لهذه الشهوات والنظر إليها مع قوة العوامل التي تمتلكها هذه الدراما إلا أن البرامج الدينية بدأت تسحب البساط منها بل إن بعض الممثلين ممن أعرفهم يثنون على البرامج الدينية التي يتابعونها؛ فالحمد لله أننا وصلنا حتى إلى الممثلين أنفسهم بل إنك تلاحظ أن الدراما في الأعوام الماضية تحول الكثير منها إلى الجانب الديني أيضا عن طريق تجسيد القصص الدينية والمسلسلات التاريخية الإسلامية التي ينفق عليها مبالغ ضخمة وليس ذلك إلا لأن الجمهور الديني بدأ يزداد والحمد لله. لو طلب منك توجيه كلمة أو خطاب مباشر للفنانين والممثلين ماذا تقول؟ أنا أعلم أنني لو قلت للممثلين والممثلات أن يتوقفوا عن كل ما يفعلونه فلن تستجيب الأكثرية؛ لأنهم يعتبرون الفن مصيرا وقدرا وباب رزق، لكن مع هذا أوجه نصيحة إلى هؤلاء الممثلين والممثلات على الأقل أن يتقوا الله في شهر رمضان فقط وألا يزدادوا في الإثم. أحيانا يكون بعض الشر أهون من بعض وبعض المسلسلات أهون من بعض وهناك أعمال لا تثير إلا الفتنة ولا تدعو الناس إلا إلى الشهوات وهذا لا يناسب لا رمضان ولا غير رمضان وفي رمضان الأمر أعظم. كما أنه يجب على المنتجين أن يختاروا القصص الهادفة، وقد سمعت أن هناك مسلسلات تركية تقدم دررا هادفة وأظن أنها ستسوق مدبلجة بإذن الله العام المقبل لتقدم على الشاشات العربية. مثل هذه المسلسلات ليست إسلامية لكنها تحمل قيما وستكون أفضل بكثير من المسلسلات الهابطة الموجودة اليوم، وستغرس بعض القيم ولن تصل إلى مرحلة الإسفاف والابتذال. أنا أنصح المنتجين أكثر من الممثلين، فعلى جميع منتجي المسلسلات الخليجية أن يختاروا السيناريو الهادف البعيد عن الإسفاف. وأنصح المخرجين أيضا ألا يتعمدوا إثارة الشهوات في لباس الفتيات وحركاتهن وكلامهن. هل هناك صلة قرابة بينك وبين الداعية محمد العوضي، وهل حصلت لك مواقف طريفة ناتجة عن خلط الناس بين اسميكما؟ نعم الكثيرون يخلطون بيننا والاسم يختلط فيه الناس لكنني أتشرف بأن أنتسب إلى الشيخ محمد العوضي فهو أستاذ لنا جميعا وهو سبقني في الإعلام والدعوة إلى الله.. أنا أفتخر بقرابتي له وإن كانت بعيدة وأسأل الله أن يجمعني وإياه في الجنة. بالرغم من أنك شخصية ذات وزن جماهيري كبير في الداخل الكويتي إلا أنك بقيت بعيدا عن العمل السياسي، لماذا لا تخوض هذه التجربة ؟ أعجبني كلام الشيخ سلمان العودة عن السياسة عندما شبهها بالنار إن ابتعدت عنها كليا فستبرد وتشعر بالبرودة وإن اقتربت منها كثيرا احترقت، أنا لست بعيدا عن السياسة تماما لأنني أكتب مقالات صحفية وأخوض في بعض القضايا السياسية سواء المحلية أو الخارجية ومن يقرأ مقالاتي في صحيفة «الجريدة» يظن أنني شخص آخر غير نبيل صاحب الدروس والمواعظ لأن لكل مقام مقالا.. أنا أخوض في السياسة في الكتابة الصحفية لكن على المنابر لا أخوض فيها، إلا لو كانت حادثة تمس المسلمين في العالم فإنني أعلق عليها من الناحية الشرعية. ما أهم الإشكالات التي تلاحظها على تجربة الإسلاميين السياسية في الكويت؟ هناك إسلاميون ابتعدوا تماما عن السياسة، مع أن السياسة تحتاج أحيانا إلى من يبين الناحية الشرعية فيها.. هذا خطأ وقع فيه بعض العلماء عندنا في الكويت. وهناك أيضا من الدعاة من خاض في السياسة خوضا أبعده كل البعد عن العلوم الشرعية والدروس الشرعية والتواصل مع الدعاة والعلماء وانكب على السياسة بشكل أفقده التوازن حتى ان بعضهم يقع أحيانا في محاذير أفقدته حتى الجمهور الذي أوصله إلى هذه المكانة السياسية. وبين هؤلاء وهؤلاء هناك مجموعة لا تزال ملتزمة وتقدم صورا مشرفة كما أن هناك بعض السياسيين الإسلاميين الذين يفتخر بهم حتى من يعمل معهم من غير الإسلاميين. هل تتذكر أول يوم صيام في مرحلة الطفولة؟ الوضع اليوم يختلف عما كان قبل 30 عاما.. كان الناس يصومون لكن صغار السن لم يكن وضعهم مثل اليوم، اليوم حتى الطفل الذي لا يميز يريد الصوم وغالب البيوت أطفالها يصومون، وهذا يرجع إلي انتشار ثقافة الصيام والأجواء الروحانية التي جعلت الكل متدينا في رمضان والكل يشجع الصغار على الصوم.. في السابق لم يكن الأمر بهذه الصورة كان من البالغين من لا يستطيعون في معظمهم الصوم بسبب الصعوبات التي كانوا يواجهونها، وخاصة في المدارس، حيث كنا نشاهد أصدقاءنا يفطرون. ما الأكلة المفضلة للدكتور نبيل العوضي في رمضان؟ طبعا بعد الرطب والشوربة يوجد شيء عندنا نسميه «التشريب» أنتم تسمونه الثريد على ما يبدو، هذا من الأساسيات عندي في الإفطار وكذلك أفضل الهريس على مائدة الإفطار وعموما أي شيء أمامي أنا لا أستنكره أو أعيبه وأحيانا الأولاد يقترحون أكلات أخرى فأنا ألتزم بمقترحاتهم، كذلك في الحلويات عندنا في الكويت حلا اسمه «صب القفشة» لا أدري إذا كنتم تعرفونه. وفي العموم أنا لا أحب الدعوات في رمضان ولا أحب الإفطار إلا مع أهلي. كما أنني لا أحب السفر في رمضان إلا إلى الحرم، علما أنني لا أذهب إليه إلا مع أهلي حيث اعتدت على اصطحاب أبنائي وزوجتي كل رمضان ثلاثة أيام لنفطر مع بعضنا هناك ونصلي التراويح. من القارئ الذي تفضل أن تصلي خلفه في رمضان؟ لدينا مسجد فيه قراء متنوعون لكن أفضلهم القارئ إدريس أبكر هو زائر يأتينا من جدة كل عام وهو من القراء المميزين جدا والمحببين لدي ولدى الكثير من الكويتيين وله جمهور كبير جدا. ومن الإعلامي الأقرب إلى قلبك ؟ لا تظن أنني متعصب لكنني أرى أن الدكتور محمد العوضي من أكثر الإعلاميين المتميزين وأنا من صغري أشاهده وأظن أنني تأثرت به حتى في الإعلام. بعد مشوار دعوي ممتد في الأوساط الشبابية ما أبرز الخلاصات التي خرجت بها عن أوضاع الشباب ومشكلاتهم؟ الشباب في الخليج طيب جدا ومحب للخير بل حتى من تأثر ببعض الأفكار الليبرالية والغربية أو حتى بالشبهات وليست الشهوات فقط يتأثرون ويتراجعون عن أفكارهم.. الشباب طيب، لكن قد تنقصه أحيانا القدوة، قد يفتقد عملا لأن الفراغ عنده كثير ويبحث عن عمل تطوعي لكنه لا يجد. وللأسف أغلب المؤسسات الخيرية عندنا لا توفر فرص عمل تطوعية لهؤلاء الشباب، فيجد نفسه مضطرا إلى البحث عن أماكن ترفيه يقضي فيها وقته فيقع أحيانا عن غير قصد في الحرام. شبابنا من أحسن النوعيات والخامات الموجودة لكنهم يحتاجون إلى دعاة يتسللون إلى قلوبهم لا إلى أسماعهم فقط. من أكثر الأشخاص تأثيرا في حياتك ؟ في الجانب العلمي الشيخ محمد بن عثيمين يرحمه الله، فقد استفدت منه في كل العلوم الشرعية، في الفقه والأصول والمصطلح والنحو. أما في الجانب الدعوي وتفاصيل فقه الدعوة، فقد استفدت بالشيخ عبدالرحمن عبدالخالق حفظه الله وهو شيخ معروف عندنا في الكويت ومن أكبر علمائها. ما المشروع أو الفكرة التي تشغل بالك ولم تتحقق حتى اليوم؟ أفكار كثيرة ليست فكرة واحدة، المشكلة في الإعلام، أنا عندي بعض البرامج الإعلامية التي أظن أنها لو ظهرت إلى النور ستغير في العالم غير الإسلامي الكثير. الآن بدأنا بخطوات عملية تتعلق بهذا المشروع وهو عبارة عن إنتاج أفلام وثائقية ضخمة عن الإعجاز العلمي في القرآن الكريم، بلغة تخاطب العقل الغربي الذي لا يؤمن بالغيبيات. قد يحتاج الأمر إلى عامين من العمل وسيتم باحترافية عالية ليعرض على قنوات أوروبية وغربية كبيرة عن طريق شراء ساعات بث. كلمة أخيرة ؟ أشكر صحيفة «شمس» الشبابية على إتاحة الفرصة لهذا اللقاء، أسأل الله أن ينفع به القراء، ولمن أحب التواصل منهم أذكر أن لي صفحة على الفيس بوك باسمي، ومن يحب من القراء أن يضيف اسمه فليتفضل قبل أن تكتمل قائمة الأصدقاء لدي، فأنا أرحب بهذا، وأتابع الصفحة يوميا وأحاول أن أرد على الأسئلة والاستفسارات قدر استطاعتي .