من بحر العلوم غرف ما يتسع عقله، واستوعب جماع الفقه ودرسه، كان ذلك الشيخ أبو بكر جابر بن موسى بن عبدالقادر بن جابر أبو بكر الجزائري، عميق الفكر، وحلو الحديث واللسان، معطرا بذكر الله، وهو الجالس دوما جوار قبر الرسول عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، يدرس ويعلم الدعاة ويعظ الناس. في قرية ليوا طولقة بولاية بسكرةجنوب بلاد الجزائر، نشأ وتلقى علومه الأولية، وبدأ بحفظ القرآن الكريم وبعض المتون في اللغة والفقه المالكي، ثم انتقل إلى مدينة بسكرة، ودرس على مشايخها جملة من العلوم النقلية والعقلية التي أهلته للتدريس في إحدى المدارس الأهلية. ثم كان ارتحاله الجميل إلى المدينةالمنورة مع أسرته، حيث واصل في المسجد النبوي الشريف طريقه العلمي بالجلوس إلى حلقات العلماء والمشايخ وحصل بعدها على إجازة من رئاسة القضاء بمكة المكرمة للتدريس في المسجد النبوي، فأصبحت له حلقة يدرس فيها تفسير القرآن الكريم، والحديث الشريف، وغير ذلك. وأتبع الشيخ الراحل العلم بالعمل، فعمل مدرسا في بعض مدارس وزارة المعارف، ودار الحديث في المدينةالمنورة، وعندما فتحت الجامعة الإسلامية أبوابها عام 1380ه كان من أوائل أساتذتها والمدرسين فيها، وبقي فيها حتى أحيل إلى التقاعد عام 1406ه. وكان الشيخ متواضعا ومتبسطا في جميع أمره، وحين أعياه المرض كان يرجو الناس كي لا يسلموا عليه حتى لا يؤذوه وهو النداء الذي كان يكرره كل مرة عندما يلتقي جموع المصلين بالحرم المدني. ورغم عزوفه عن الظهور في القنوات الفضائية الإسلامية إلا أنه كانت له شعبية كبيرة وسط المسلمين في مختلف البلدان، وكلما دخل المسجد تزاحم حوله جموع المصلين لاستفتائه أو لطلب الدعاء أو للسلام عليه. وقد أنجز الشيخ الراحل عددا كبيرا من المؤلفات، منها: رسائل الجزائري وهي 23 رسالة تبحث في الإسلام والدعوة، منهاج المسلم كتاب عقائد وآداب وأخلاق وعبادات ومعاملات، عقيدة المؤمن ويشتمل على أصول عقيدة المؤمن جامع لفروعها، أيسر التفاسير للقرآن الكريم أربعة أجزاء، المرأة المسلمة، الدولة الإسلامية، الضروريات الفقهية رسالة في الفقه المالكي، هذا الحبيب محمد، صلى الله عليه وسلم.. يا محب في السيرة، كمال الأمة في صلاح عقيدتها، وغيرها من المصنفات والكتب القيمة.