بما أننا نعتبر من الدول النامية، فكل شيء يخصنا لا بد أن يكون في حالة تنام مستمر, ومشاريعنا لا بد أن تكون داخل هذا الإطار ولا بد أن تتحرك نصب عين التنمية, وبما أننا شعب يتفنن في طرق الاستهلاك فقد ساعدنا على نهوض التنمية الاستهلاكية بشتى الوسائل. لذلك قررت أن أصبح سيدة أعمال, فما أدراكم, ربما لن تدوم لنا النعمة, وأتوقع لو ظللنا على حالنا الاستهلاكي في حين انقطعت أواصر الصلة بيننا وبين مصادر رزقنا سنعود أدراجنا إلى مرتبة العالم الرابع. أعرف أن قيام مشروعي هذا لن يحدث قبل مرور عشرين عاما على ذكرى توظيفي حتى أمتلك رأس المال، لكنني سأخطط وإن كانت خطة بعيدة الأمد, محل «شاورما» في البداية يفي بالغرض, وبعد أن يزداد العائد من المشروع أفتح مطعم «برياني ومظبي ومشوي ومقلي ومحمر ومشمر»، وبعدها سلسلة مطاعم. أضمن لكم أن هذا المشروع تنموي مليون في المئة, وإن لم تصدقني انظر إلى الدليل القاطع في كروش العرب التي تتنامى يوما بعد آخر, وإن أردت أكثر افحص أدمغتهم ومستوى الذكاء الحاد الذي يعانون منه, والدليل الأكثر تأكيدا هو أنه لا يوجد شارع يخلو من مطعم، وأصغر تلك المطاعم تدخل على صاحبها ذهبا خالصا حتى لو كان بجانب مطعم «البيك». نعم «البيك».. و لماذا نذهب بعيدا؟ هذا هو «البيك» الذي أسسه رامي أبو غزالة في جدة عام 1974، وأصبح الآن يمتلك أكثر من 60 فرعا كلها تعاني من ازدحام شديد. هذه هي التنمية الحقيقية, اقتصادية واجتماعية وثقافية أيضا لأنك حين تشتري وجبة من البيك تتصلب مفاصلك ويصيبك صداع في رأسك يذكرانك بمعاناة طابور الخبز في مصر. وفي هذا ترابط وتكاتف بين ثقافات الشعوب الاستهلاكية ومشاركة معنوية لأخيك المؤمن.