تسلمت لورا شنشيلا، 51 عاما، مقاليد الحكم في كوستاريكا خلفا لأوسكار أرياس الذي نال جائزة نوبل للسلام عام 1987 خلال ولايته الأولى، قبل أن يعود إلى السلطة عام 2006. وأصبحت بذلك أول امرأة تصل إلى رئاسة «أقدم ديموقراطية في أمريكا الوسطى». وهي ليست المرأة الأولى التي تصل إلى سدة الرئاسة في أمريكا الوسطى، فقد سبقتها إلى المنصب فيوليتا شامورو في نيكارجوا وميريا موسكوسو في بنما. لكن مع ذلك شكل فوز السياسية الكوستاريكية في الانتخابات الرئاسية حدثا مهما امتد صداه إلى باقي دول المنطقة. قامت أستاذة العلوم السياسية شنشيلا، في أول يوم رئاسي لها بالتوقيع على أربع قرارات أهمها «منع التنقيب عن الذهب»؛ ما أشار إلى وقوفها مع تحقيق شعار «كوستاريكا خضراء» حتى لو كلفها ذلك التصادم مع الذين يعتبرون التنقيب «مصلحة وطنية». ولا تملك كوستاريكا سوى موارد معدنية قليلة ويعتمد اقتصادها بشكل كبير على المال الوارد من السياح الأجانب الذين تجتذبهم الأحراش الكثيفة والسواحل البكر «التنقيب عن الذهب ليس مربحا بما يكفي للتضحية بالجانب البيئي». وتبقى كوستاريكا، التي قررت حل جيشها الوطني بعد حرب أهلية عام 1948، واحة من السلام والازدهار في منطقة تشهد نسبة جرائم عالية وهزها أخيرا انقلاب في هوندوراس العام الماضي. وفوز شنشيلا لن يؤدي لحدوث أي تغيير في سياسات بلدها الملقب ب«سويسرا أمريكا الوسطى» والذي يعتبر الأكثر استقرارا في هذه المنطقة. غير أن هذا البلد اكتشف في الأعوام الأخيرة انعدام الأمن والعنف المرتبط بالإجرام اللذين يعاني منهما جيرانه. وحمل ذلك لورا شنشيلا على تركيز خطابها الرئاسي على الإجرام والمخدرات بموازاة الإنعاش الاقتصادي، بعدما تراجع إجمالي الناتج الداخلي في بلد يقوم ازدهاره بشكل أساسي على تدفق الاستثمارات الأجنبية. ولدت شنشيلا في حي تقطنه الطبقة العاملة في العاصمة سان خوسيه، وترعرعت في ظل والدها الذي خاض المعترك السياسي، وترقى ليصبح المفتش العام للمالية في البلاد، وهي الابنة الكبرى ضمن أربعة إخوة، ودرست العلوم السياسية بجامعة كوستاريكا، ثم ذهبت إلى أمريكا لمتابعة دراستها بجامعة جورج تاون المرموقة، حيث حصلت على الماجستير في السياسة العامة، ولدى عودتها إلى بلادها عملت مستشارة لقضايا مرتبطة بالأمن والإصلاح القضائي. وتصدرت شنشيلا، التي تولت منصب نائب الرئيس ووزيرة الأمن العام، جميع استطلاعات الرأي التي سبقت الانتخابات. وترجع شعبيتها الطاغية إلى سلفها الرئيس أوسكار أرياس الذي تصدر عناوين الصحف لدوره الفاعل في عملية الوساطة لحل مشكلة هندوراس، متباهيا بنسبة شعبية تصل إلى 73 %. وبسبب هذه الشعبية التي راكمتها حكومة أرياس، فضل الناخبون الاستمرار في النهج ذاته، ومنح أصواتهم لشنشيلا، التي تنتمي إلى نفس الحزب وتؤمن بنفس الأفكار. وهو ما يؤكده المحلل السياسي زيليدون، الذي يشير إلى مجموعة من العوامل التي قادت إلى فوز السياسية شنشيلا بالرئاسة من بينها حسب قوله «البعض فضل رؤية امرأة في الرئاسة، والبعض الآخر حرص أكثر على الاستمرارية في الحكومة، والسير على نفس الطريق، أما العوامل الأخرى فهي مرتبطة بآلتها الانتخابية التي تفوقت في الأداء على المنافسين، لا سيما أنها تنتمي إلى حزب التحرير الوطني الذي سخر إمكانياته القوية ووضعها تحت تصرفها»