شهدت مكةالمكرمة مع بدء شهر رمضان حركة نشطة للمتسولين الذين سارعوا إلى حجز مواقع استراتيجية في بعض الأماكن التي تشهد حركة كثيفة من قبل المعتمرين خاصة حول المنطقة المركزية للحرم والأسواق والمجمعات التجارية القريبة أملا في زيادة غلتهم من المساعدات مستغلين الأجواء الروحانية لشهر رمضان وكثرة القادمين إلى العاصمة المقدسة من زوار ومعتمرين وغيرهم من أهل الخير الباحثين عن الأجر والمثوبة. ويعد هذه الشهر من أكثر المواسم التي تدر دخلا على المتسولين الذين يعمل بعضهم بشكل فردي وآخرون مع جماعات محددة يتقاسمون العمل ويتوزعون المهام فالمتسولون الكبار في السن والنساء والأطفال يتوزعون حول المساجد والمستشفيات والإشارات المرورية وخاصة المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام مستخدمين عبارات الاستعطاف ويتظاهرون بالإعاقة. كما تحاول بعض المتسولات صغيرات السن استعطاف الشباب بأصواتهن وطريقة لبسهن في المجمعات التجارية والأسواق والأماكن العامة، بالإضافة إلى زيارة المنازل وطرق أبوابها وطلب المساعدة من سكانها. واتفق عدد من سكان العاصمة المقدسة على أن التسول من الظواهر التي يجب التصدي لها بحزم لأنها تشوه الشارع العام وتعكس مشاهد غير حضارية. وذكر محمد منشي أن المتسولين يوجدون بكثرة في أماكن مختلفة وعلى شكل جماعات خاصة في المنطقة المركزية المحيطة بالمسجد الحرام والجوامع وعند الإشارات المرورية وأمام المساجد والمستشفيات بشكل يثير الضجر من كثرة إلحاحهم ومطاردتهم للناس حتى في بيوتهم «بلغت الجرأة بالمتسولات إلى طرق أبواب المنازل مدعيات أنهن أجنبيات تقطعت بهن السبل ويطلبن من ربات البيوت قطعا من الحلي الذهبية أو مبالغ مالية لمساعدتهن». ولفت إلى أن المتسولين يتزايدون في شهر رمضان مستغلين تسامح الناس ورغبتهم في الأجر والمثوبة بالتصدق والإنفاق على الفقراء والمساكين «يجب على جميع الجهات ذات الاختصاص أن تفعل خططها ودراساتها من أجل القضاء على الظاهرة». أما جمعان الزهراني فأشار إلى أن إطلاق الأطفال للتسول فيه انتهاك لحقوقهم وسيجعلهم يحترفون هذه المهنة حتى عندما يكبرون. كما ذكر أن هناك استغلالا للفتيات في التسول وهو أمر يسيء إليهن. وأشار إلى أن أساليب المتسولين باتت معروفة وهذا ما يشجع على عدم التعامل معهم فهناك متسولات يستوقفن المارة فجأة ويطلبن المساعدة بلهجة سعودية مدعيات أنهن قدمن مع أهلهن إلى مكة لأداء العمرة أو لزيارة قريب وفجأة مرض والدهم أو سرقت نقودهم أو أي عذر من تلك الأعذار المفضوحة التي يحاولن بها سرقة عطف الناس. ودعا الزهراني إلى أهمية تعاون المواطنين والمقيمين مع الجهات المختصة لمواجهة هذه الظاهرة والقضاء عليها أو على الأقل تحجيمها. وعد القاضي بالمحكمة الجزئية بمكةالمكرمة طنف الدعجاني التسول من الظواهر السيئة في المجتمع، والتي تكثر خاصة في رمضان. مشيرا إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التسول وسؤال الناس من غير ضرورة أو حاجة ملحة «لا يزال الرجل يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة ليس في وجهه مزعة لحم». أما مدير مركز إيواء الأطفال المتسولين التابع لجمعية البر بجدة زارع الحكمي، فأشار إلى أن المركز وبالتعاون مع الجهات الأمنية كإدارة الجوازات يعملون على إيداع الأطفال المتسولين في المركز إما لوجود آبائهم في إدارة الترحيل حتى يتم إصدار إجراءات ترحيلهم من البلاد مع آبائهم، أو لحين إصدار إقامة نظامية لهم بعد أن يتم سداد الغرامات المالية ويتعهد الكفيل بعد تكرارهم التسول. مشيرا إلى أن عدد الأطفال الذين يتم إيواؤهم يوميا يتراوح بين خمسة وعشرة أطفال. وأضاف أن عدد الأطفال الذين تم ترحيلهم منذ إنشاء المركز في موسم حج 1424ه بلغ 5958 طفلا، وتم إطلاق سراح 1570 طفلا بعد حصولهم على إقامات نظامية من إدارة الجوازات بعد دفع الغرامة المترتبة على ذلك والتعهد بعدم العودة للتسول؛ والآن يوجد في المركز 43 طفلا من جنسيات مختلفة منهم ثماني فتيات. إلى ذلك، أوضحت إحصاءات الشؤون الاجتماعية أن نسبة عالية من المتسولين المقبوض عليهم هم من الأجانب، إذ تتراوح نسبتهم ما بين 7887 % وذلك بحسب إحصاءات آخر ثمانية أعوام .