في بيت علم ودين نشأ العلامة الشيخ أبو عبدالرحمن عبدالله بن عبدالرحمن بن صالح بن حمد بن محمد بن حمد بن إبراهيم البسام، وكانت له فطنته وأدبه الجم منذ صغره، فكبر وهو محب للعلم وحريص على الانتفاع والنفع به، يمضي لياليه في مذاكرة دروسه، وكانت له مذاكرات علمية مبكرة مع زملائه في الطلب، وكان أن أدخله والده بعد سن التمييز كتاتيب بلده عنيزة، وشرع بالقراءة على والده، فأكمل عليه حفظ القرآن الكريم، وأخذ عنه مع شقيقه الشيخ صالح مبادئ علم الفقه بكتاب «أخصر المختصرات»، ومبادئ علم النحو في «العمريطية نظم الأجرومية». كان والده مرجعا في السيرة النبوية، والتاريخ الإسلامي، والأنساب والأخبار، ويحفظ من الأشعار والأخبار الشيء الكثير، فاستفاد منه في ذلك فوائد جليلة، وذلك أن مجالس أبيهما معهما عامرة بذكر قصص الأنبياء والسيرة النبوية والأخبار والأشعار، وكانت لوالده مكتبة طيبة استفاد منها كثيرا، قرأ فيها تفسير ابن كثير البداية والنهاية وأسد الغابة في أسماء الصحابة والعقد الفريد ومجمع الأمثال وغيرها. كما كان والده يحثه على مواصلة الدراسة والحصول على العلم، ويبيّن له فضل العلم وفضل أهله، وكان يكرر عليه قوله تأتيني عالما أفضل علي من كنوز الأرض فترغيبه وحثه له هو الحافز الذي دفعه إلى التعلم، وانخرط الشيخ الراحل في سلك الطلاب الملازمين عند الشيخ العلامة عبدالرحمن الناصر السعدي، وبعد ثمانية أعوام التحق بكليتي الشريعة بمكةالمكرمة واللغة العربية وأتم دراسته في الكليتين في وقت واحد، وكان من أبرز من تتلمذ عليهم في الكليتين الشيخ محمد أبو شهبة في التفسير، والشيخ محمد متولي الشعراوي في البلاغة، والشيخ خليل هراس في العقيدة والشيخ الفقيه المحدث علي النهدي، وكان مبرزا بين شيوخه، فرشحوه بعد أن انتهى من السنة الثانية في الكليتين ليكون مدرسا في المسجد الحرام، فعين مدرسا في المسجد الحرام منذ عام 1372ه وكانت دروسه بين العشاءين واستمرت نصف قرن إلى أن أوقفها بسبب مرضه. حينما تخرج من الدراسة الجامعية عمل في كثير من المجالات خدمة لدينه ووطنه ومجتمعه فكان قضاؤه في القضايا الجزئية المستعجلة في مكة، وعين مدرسا رسميا في المسجد الحرام فكان يلقي دروسا عامة وخاصة، فمارس التدريس بالحرم منذ عام 1372 إلى 1417ه لم تنقطع دروسه إلا مدة رئاسته لمحكمة الطائف ثلاثة أعوام أو إجازات يقضيها خارج مكة وكانت حلقات درسه بين المغرب والعشاء، وقام بالإمامة في المسجد الحرام لمدة ثلاثة أشهر.