يهل علينا رمضان كل عام ونحن كما نحن نحاول أن نتغير إلى الأفضل ولكن دون تغيير فعلي إلا فيما ندر بغض النظر عن نوع التغيير، كثيرة هي القرارات والمظاهر التي تبقى طوال العام ولا تتغير بحلول شهر رمضان المبارك، وكذلك ليست قليلة تلك المظاهر التي تتجدد كل عام مع دخول شهر الرحمة والغفران، شهر الفضيلة والإيمان. ففي هذا الشهر نجد الإخلاص الشديد في القنوات التليفزيونية لعرض كل أنواع الملهيات والمسليات التي لا نتوانى عن نقدها والاعتراض عليها، وبأنها تقلل من روحانية الشهر الكريم، ونشدد على أننا يجب ألا ننساق خلفها لتضييع أوقاتنا فيما لا يفيد، ثم نتحلق حول الشاشات متناسين لكل ما قلناه، متابعين لكل مسلسل ومحللين لكل الممثلين على مدار اليوم. وفي هذا الشهر تزداد نسبة الحوادث المرورية بشكل مخيف حتى يخال إلى الزائر أننا بلد تنعدم فيه الثقافة المرورية ولا يوجد لدينا لا ساهر ولا صاحي، والسبب في ذلك علبة فول أو عدة حبات من السمبوسة، لست أبالغ فمن يتجرأ «وما أكثر الجريئين» على النزول إلى الشوارع في فترة ما قبل المغرب يرى الكثير من المخالفات المرورية التي ترتكب في وقت واحد وقياسي، من سرعة وتجاوز، إلى قطع للإشارة الحمراء وحوادث سير متفاوتة في الحجم والأضرار. وفي هذا الشهر تزدهر رياضة المشي لدى النساء في أسمى أشكالها، ألا وهي المشي والتريض في الأسواق والمجمعات، الرياضة التي لا تتم بشكل صحيح إلا إذا ترافق معها مشتريات من هنا وهناك تجعل الأزواج وللمرة الأولى أشد المعارضين للرياضة والرشاقة عند زوجاتهم. وفي هذا الشهر ندرك جميعنا أن خيرات الأرض في طريقها إلى الزوال، وأن ثروات الأرض الطبيعية لن تستمر لنا، فنعتبر أن كل إفطار أو سحور هو آخر وجبة لنا، فنسرف في الطعام والشراب حتى يزيد رجالنا كروشهم وتعوض نساؤنا ما فقدنه في الريجيم طوال العام. بعد كل هذا وذاك نقول بأي حال عدت يا رمضان؟ هل سيكون هكذا الحال أم سيتغير؟ أنتم من سيحدد!! وكل عام وانتم بخير.