سبق أن طرقنا أبواب عدة جهات حكومية أملا في الحصول على تصريح بممارسة مهنتنا بشكل أوسع، والمشاركة في المناسبات الوطنية التي تعد حلما بالنسبة إلينا، أو حتى المشاركة في صيف جدة غير، لكن لا حياة لمن تنادي. بعيدا عن أي دعم، ووراء جدران المراكز التجارية، أو بساط المتنزهات، انتشرت الفرق الشابة، هدفها رسم الضحكة على شفاه الصغار، وأمنيتها الوصول لحلم أكبر، مجرد وظيفة يقتاتون بها، حتى لو كانوا في صورة «بلياتشو». استغل بعض الشباب سعادة الأطفال بالمشاهد الكرتونية، وراحوا يجسدونها على أرض الواقع، يعترفون أن هدفهم الحصول على ضحكة الأطفال، ومن ثم رضا أولياء الأمور، فتزداد الغلة، وتتفوق الرغبات في الوصول لحلم التمثيل أحيانا والتقليد أحيانا أخرى، لكنها في نهاية المطاف ظل وظيفة، بدلا من ظل جدار لا يكسوهم أو يوفر لهم مصروف جيب. اتجهوا إلى حيث تجسيد الشخصيات الكرتونية على الهواء مباشرة، وتقديم العروض البهلوانية، التي تحمل في معظمها الكثير من المخاطر، وتحتاج إلى أكاديميات للتدرب والتعلم، لكنهم يستسيغون النيران، لالتهام لقمة العيش برضا وعرق الجبين. في أحد المراكز ظهر تنين جدة، فبادره المختصون بالترحيب، فيما بادله الأطفال بالتلويح بعين الرضا، أما العيون الأخرى المسؤولة، فأغمضت جفنا وراحت تفرك العين الأخرى بأيديها، لكن الصدفة وحدها التي أتاحت لعمو وليد، كما يسمى «26 عاما» الفرصة قبل أكثر من تسعة أعوام، للوصول إلى لقب تنين جدة «لولا شقيقي الأكبر لما وجدتني هنا، ولما ارتديت اللقب كمقدم مهرجانات الأطفال، كنت أعرف أن هذا المجال يتطلب جرأة وثقة في النفس، لأننا نتعامل مع الأطفال، وهم فئة صادقة، وكذلك سهلة وصعبة في الوقت نفسه، وليس كما يقول بعضهم إنهم فئة لا تفهم كثيرا، بل العكس تماما يملكون الكثير من الذكاء والفطنة خاصة في هذا القرن، إذ أصبح أطفالنا ملمين بكل ما حولهم من برامج الأطفال التي تعرض في الفضائيات أو الألعاب الإلكترونية، وهذا يصعب مهمتنا نوعا ما، فلا بد أن نأتي بعروض جديدة للأطفال تتناسب مع أذواقهم». ويرى المبالغ التي يتقاضاها «مناسبة جدا، لكنها ليست ثابتة، فأحيانا يكون هناك حراك وأحيانا ركود، حسب الموسم، ودرجة الإقبال». لكن التنين الذي بات محبوبا بمغامراته في أوساط الأطفال يرى أن الاحتكاك بالصعوبات وحده هو الذي صقل مهاراته «الممارسة المستمرة أهلتني لإجادة الكثير من الحركات البهلوانية مثل رفع الدراجات بالأسنان، والنفخ في النار، وإشعال النار في اليد، وأكل الزجاج، والنوم على المسامير، ولذلك لقبوني بالتنين لممارستي هذه الأنواع من المغامرات البهلوانية». ونفى أن تكون تلك الأفعال حركات خداعية للأطفال «بل تحتاج إلى ممارسة وتمارين مستمرة لأن الخطأ في تنفيذها، قد يؤدي إلى إصابات عديدة، وأحيانا قد تسبب الوفاة، لا سمح الله، ولكن هدفنا من ذلك كله مع فرقتي المكونة من ستة أفراد، هو إسعاد الأطفال والزوار، ولا نخفي أننا نتكسب الرزق الحلال، كما أننا أضفنا برامج أخرى إلى الفرقة وهي تقليد الشخصيات خاصة الكرتونية، وأيضا التحكم بالصوت، وأهم شيء في نظري في تقديم عروض الأطفال هو أسلوب الشخص في مخاطبته للأطفال، والبعد عن الحركات والألفاظ السيئة التي تثير مشاعرهم وأسرهم، والتقبل من الأطفال شيء ضروري جدا، فلو لم تشعر بقبول الأطفال لك، فإن كل عملك سيذهب هباء، وتقبل الطفل ليس بالشيء السهل كما يظنه الكثيرون». ولا يخفي التنين تعرضه لعدة انتقادات بسبب العروض التي يقدمها « يدعي بعضهم أن فيها نوعا من السحر لجلب انتباه المشاهدين، وهذا الكلام مخالف للواقع، فجميع العروض التي نقوم بها بإمكان أي شخص مع التمارين والممارسة القيام بها، وهناك أناس ينكرون عمل السيرك أيضا، ولكن من يلتفت إلى هذه الآراء لن ينجح ولن يقدم شيئا». لكن التنين الذي طرق أبواب الجهات المختصة للحصول على أي مظلة رسمية ليواصل بها عمله، عاد بخفي حنين «إذا أردنا إقامة مهرجان للأطفال، يستخرج صاحب المحل الذي يستضيفنا تصريحا لتنظيم المهرجان من دون تدخل منا، وسبق أن طرقنا أبواب عدة جهات حكومية أملا في الحصول على تصريح بممارسة مهنتنا بشكل أوسع، والمشاركة في المناسبات الوطنية التي تعد حلما بالنسبة إلينا، أو حتى المشاركة في صيف جدة غير، لكن لا حياة لمن تنادي، على الرغم من أن فرقتنا ليست فنية بل موجهة للأطفال فقط». جوائز وهدايا ويرى التنين أن تلقيه للعديد من الجوائز والهدايا من عدة جهات حكومية وأهلية، أسهم في دفعة معنوية، أهلته للمشاركة خارجيا «أحييت عدة مهرجانات في مدينة جدة، وكذلك مكةالمكرمة والمدينة المنورة والطائف، منها تعاوني مع شركة أرامكو، فاتجهت للمشاركات الخارجية في مصر واليمن، ولدي عدة مشاركات خيرية خاصة لأطفال التوحد، ونحرص على المشاركة في يوم التوحد العالمي، ونسعد كثيرا عندما نرى الابتسامة على محيا هؤلاء الأطفال الذين يشعرون كما نشعر، كما أننا نقدم برامج للأطفال المعوقين، لا نبتغي منها سوى إدخال الفرح والسرور إلى هذه الفئة من الأطفال العزيزة على قلوبنا»