حذرت دراسة اقتصادية من هبوط حاد في الطلب العالمي من جراء تراجع حجم إنفاق المستهلك الأمريكي، ومخاطر انهيار الاتحاد النقدي الأوروبي واتجاه الدول الآسيوية إلى تخفيف توسعاتها، وتشديد السياسات المالية في حال تزايدت معدلات التضخم، مبينة أن المصارف المركزية في أغلب دول العالم استنفدت بالفعل معظم الذخيرة التي تملكها في مواجهة أزمات مالية أخرى. وأوضحت دراسة لمؤسسة إدارة الثروات العالمية «باركليز ويلث» أن التحدي الأبرز الذي يواجه الاقتصاد العالمي هو عدم رغبة المستهلك الأمريكي في الإنفاق، في حين يقف الدخل الفعلي المتاح للأسر الأمريكية عند مستويات تقل بشكل واضح عن مستوياتها الطبيعية في هذه المرحلة من الدورة الاقتصادية، مشيرة إلى أن هذا التوجه قد يؤدي إلى تباطؤ عملية تعافي الاقتصاد أو توقفها تماما في عام 2011. ويشهد الاقتصاد الأمريكي هبوطا في الوقت الحالي بدرجة أو درجتين، بعد أن كان حقق نموا سريعا في أواخر العام الماضي. وذكرت الدراسة أن إجراءات التقشف المالي الصارمة التي تتخذها دول الاتحاد الأوروبي ستؤدي إلى مزيد من الانخفاض في معدل الناتج المحلي الإجمالي، لذا فإن من المحتمل أن يشهد الاتحاد النقدي تغيرا في صورته وتنظيمه، وقد ينهار بشكل كامل. وألمحت الدراسة إلى أن اليونان قد تضطر إلى مغادرة الاتحاد النقدي الأوروبي وتشكيل عملة دراخمة جديدة، وبهذا فإن الشركات اليونانية لن تشهد أي تحسن واضح في مجال التنافسية، حيث ستجد نفسها في مواجهة أعباء ضريبية أكبر وأسواقا محلية أضعف لتسويق منتجاتها. وأعلنت جميع حكومات منطقة اليورو تقريبا إجراءات تقشف مالي، تتصدرها ألمانيا. إلا أن التحسن الذي شهدته أسواق التصدير نتيجة ضعف اليورو قد تساعد في تجنب حالة من الركود المضاعف. وتخطط المملكة المتحدة أيضا لفرض إجراءات تقشف مالية صارمة خلال العامين المقبلين، وسيكون أشدها في 2011. إلا أن المخاوف المستمرة حول التضخم الذي يبقى أعلى من النسبة المستهدفة، قد تقيد مدى الدعم الذي توفره السياسة النقدية للنظام الاقتصادي. وأشارت الدراسة إلى أن قدرة الدول الآسيوية على النمو بمعدلات تفوق إمكانياتها، ستخضع لقيود تفرضها مخاوف التضخم. مبينة أن الصين وغيرها من الأنظمة الاقتصادية الكبرى في المنطقة لا تظهر أي نوايا في تهدئة النمو والتوسع حتى الآن، وفي هذه الحالة فإن الأسواق قد تواصل قلقها حول النمو السريع بشكل غير مستدام. ويبدو أن التعافي الاقتصادي في اليابان سيشهد تباطؤا خلال النصف الثاني من هذا العام، فقد عاودت مشكلات اليابان المالية ظهورها على الساحة، ومن المحتمل أن يسهم انخفاض الأسعار المستمر في إبقاء أسعار الفائدة عند مستويات منخفضة. من جهة ثانية، توقع تقرير دولي ارتفاع متوسط أسعار القمح والحبوب بنسبة تصل إلى 40 % على مدى الأعوام العشرة المقبلة، كما توقع ارتفاع أسعار الزيوت النباتية بنسبة مماثلة. وقدر الزيادة في أسعار منتجات الألبان بنسبة تصل إلى 45 %، فيما رجح أن ترتفع أسعار اللحوم بمعدل أقل حدة من ذلك بفعل زيادة الطلب العالمي عليها. وأرجع تقرير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة «فاو» ارتفاع أسعار الحبوب والمنتجات الحيوانية من اللحوم والألبان، إلى نمو ثروات الفئات السكانية لدى الاقتصادات الناشئة، حيث سيؤدي ذلك إلى تغيير في العادات والتفضيلات الغذائية. وأشار إلى أن النمو الاقتصادي المتواصل على المدى الطويل لدى الأسواق الناشئة، يشكل دعما أساسيا لتزايد الطلب وارتفاع الأسعار. وأوضح أن التوسع في إنتاج الوقود الحيوي تحقيقا لأهداف حكومات بعض الدول المتقدمة، سيسهم في ارتفاع أسعار الحبوب والزيوت النباتية، حيث سيرفع من حجم استهلاك القمح والحبوب الخشنة والزيوت والسكر. وذكر أن زيادة تكاليف الإنتاج والوقود والنقل ستشكل عوامل غير مباشرة في صعود أسعار المنتجات الغذائية النباتية والحيوانية. وأشارت منظمة الأغذية إلى أنه رغم انخفاض أسعار السلع الزراعية من المستويات القياسية التي بلغتها قبل عامين، فمن غير المحتمل أن تتراجع إلى متوسط معدلاتها خلال الأعوام العشرة الماضية .