امتدح عدد من المختصين فكرة إنشاء أقسام للشرط تحت اسم «مركز الشرطة الأسرية» يعمل على استقبال قضايا العنف الأسري والعمل على إيجاد الحلول المناسبة وتسوية النزاعات الأسرية بين المتنازعين من خلال منظور نفسي «سيكولوجي» يقرب وجهات النظر المتباعدة بين الأطراف المختلفة، على أن يتم استقطاب عدد من رجالات المجتمع من قضاة ودعاة واختصاصيين ومتطوعين للعمل في هذه المراكز. وأوضح المحامي والمستشار القانوني ريان عبدالرحمن مفتي، أن «إنشاء مركز الشرطة الأسرية فكرة إيجابية وناجحة، حيث يهتم في المقام الأول بتسوية وحل الخلافات الأسرية وديا قبل اللجوء للمحاكم، إذ يتقدم صاحب المشكلة «الزوج أو الزوجة» بطلب للمركز يشرح فيه النزاع وأسبابه، وبطبيعة الحال، سيتم إحالة الشكوى إلى مجموعة مدربة على هذا الأمر «اختصاصيين اجتماعيين ونفسيين» فتستدعي الطرف الآخر، وتشرح له المشكلة، ثم تعرض الحلول على الطرفين وتحاول إقناعهما بحل النزاع وديا، وفي حالة الوصول إلى إتفاق يحرر بذلك محضر ضبط تقيد فيه جميع المحاولات، والحلول المتفق عليها، ويزيل بالصيغة التنفيذية الملزمة للطرفين، وبذلك سيتم حل كثير من المشكلات الأسرية قبل الوصول للمحاكم»، مشيرا إلى «نجاح الفكرة في كثير من البلدان، تحت أسماء أخرى، وقد أثبتت نجاحها وقدرتها على تسوية الخلافات الأسرية بطرق ودية، وقللت من عدد القضايا الأسرية المنظورة أمام القضاء». وأضاف مفتي أن «هذه المراكز ستسهم في توفير كثير من الحلول بالنسبة إلى قضايا التنفيذ، مثل تنفيذ أحكام الحضانة أو النفقة، حيث إن الوضع الحالي في تسليم الأطفال من خلال إدارة الحقوق المدنية، له تأثير سلبي كبير على الأبناء، ووجود مراكز متخصصة في هذا الأمر، سيسهم بشكل كبير في مراعاة تلك الأمور السلبية التي لها كثير من الأضرار النفسية على الأطفال، كذلك مسألة النفقة، فغالبية أحكام النفقة لا تنفذ بالشكل الصحيح، وكثير من العقبات تواجه الأم في تنفيذها، وتدخل جهات مختصة في ذلك سيساعد في حل العقبات، خصوصا لو كانت آلية التنفيذ من خلال الاستقطاع من راتب ولي الأمر، سواء من راتبه المحول للبنك أو المعاش والتقاعد، أو من خلال التأمينات الاجتماعية، فسيسهم ذلك في الكثير من التسهيل لمسألة النفقة، خصوصا أن هذه النفقة تم تأييدها بأحكام شرعية ولا ينقصها سوى صحة التنفيذ». اختلاف وجهات النظر وأشار أستاذ الشريعة بجامعة أم القرى عضو جمعية حقوق الإنسان بمكة المكرمة الدكتور محمد السهلي إلى أن «إنشاء مركز الشرطة الأسرية في كل مدينة يهتم ويعنى بالقضايا الأسرية، ويسهم بشكل كبير في حلها، ما يعمل على تخفيف الضغط على المحاكم والجهات القضائية»، مضيفا أن مركز الشرطة الأسرية يحل القضايا الأسرية في مهدها وعند بداية اشتعالها، ومن المهم أن يتم تزويد المركز باختصاصيين في المجالين النفسي والاجتماعي، وبعضو من لجنة إصلاح ذات البين. وأكد الدكتور السهلي أن «فكرة إنشاء المركز رائدة، بحيث يتم التنسيق بين وزارتي الداخلية والشؤون الاجتماعية والإشراف عليها من قبل وزارة الداخلية، ومن خلال عملي في جمعية حقوق الإنسان لاحظت أن معظم القضايا كانت بسيطة ويسيرة، ولكن كثير منها تضخم وتم تصعيده للقضاء، وهي في الأصل ليست بين الخصوم ولكن اختلاف وجهات النظر بين طرفين من الأسرة يمكن تقريبها من خلال مركز الشرطة الأسرية، ومن خلال الوقائع فإن 30 % من جملة القضايا هي قضايا أسرية، مثل الطلاق والحضانة وكذلك العضل وأيضا قضايا منع الزوج من رؤية الأبناء، وغيرها من القضايا الأسرية. تطور إلى القتل وأوضح أستاذ الخدمة الاجتماعية المشارك بجامعة أم القرى بمكة المكرمة الدكتور خالد يوسف برقاوي أن «إنشاء مركز متخصص تحت اسم الشرطة الأسرية، لحل النزاعات والخلافات والمشكلات الأسرية مطلب ضروري وملح في وقتنا الحاضر مع تزايد حالات الطلاق والعنف الأسري، وتكدس المحاكم بالقضايا الأسرية»، مشيرا إلى أن من مهام مركز الشرطة الأسرية مباشرة الإيذاء والعنف الأسري، ويسهم في حل القضايا قبل أن تصل إلى الطلاق وتشتيت كيان الأسرة. ويرى برقاوي أنه لا بد أن «يعمل عليها أشخاص مؤهلون في استقبال هذه الحالات لاحتوائها، كاختصاصي نفسي أو اجتماعي، ومرشد ديني وقاض شرعي يحتوون الحالة لضمان حل المشكلات الأسرية والحفاظ على الأسرة، فبعض هذه المشكلات يصل إلى الطلاق، وأخرى إلى التعذيب الجسدي، وقد يتطور الأمر ويصل إلى القتل». ومن جانب آخر، دعا المحامي والمستشار القانوني أشرف السراج إلى «استحداث قسم تحت اسم قسم الرعاية الأسرية، يهتم بالقضايا الأسرية وتنفيذ الأحكام وتنظيم القضايا المتعلقة بها، وكذلك محكمة الأحوال الشخصية، وفكرة إنشاء مركز للشرطة الأسرية من المطالب الضرورية ولا بد من تفعيله بحيث يتم انتداب قاض من وزارة العدل مهتم بهذه القضايا ليتم حل المشكلات والخلافات الأسرية في هذا المركز من دون الحاجة إلى التوجه إلى المحاكم الشرعية، حيث إن القضايا الأسرية تعد الأعلى تداولا في المحاكم، كقضايا الطلاق والخلع والعنف الأسري، فلو وجد هذا المركز المتخصص لخفف كثيرا من الأعباء على المحاكم، حيث إن القضايا الأسرية تستمر لأكثر من ستة أشهر خلال مواعيد الجلسات» .