لم يفت على هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أن تذكر عملاء شركات الاتصالات أن التجوال الدولي لا يزال ممنوعا، وأن أي عروض ستقدمها شركات الاتصالات العاملة في البلاد ستكون غير قانونية، ما يعني أن الهيئة لن تستطيع أن تحفظ حقوق العملاء في حال صدقوا هذه العروض. خدمة التجوال المجاني وقرار إلغائها الصادر عن هيئة الاتصالات حولت الأخيرة في نظر العملاء المستفيدين إلى ما يشبه مانع الخير عن الناس، ومشكلة هيئة الاتصالات وتقنية المعلومات أنها لم تدر معركتها مع الشركات بكفاءة إعلامية تضمن لها تأييدا من قبل الرأي العام، فالهيئة لها أسباب مقنعة من الناحية الاقتصادية، لكنها لم تعرض على الجمهور بما يحقق الهدف من قرار المنع، فخسرت صورتها الجيدة. قرار الهيئة، حسب قولها، منصف لملاك شركات الاتصالات، لأن أموالا طائلة تضيع في التجوال المجاني الذي تستفيد منه العمالة الوافدة، ما يفوت أرباحا على ملاك أسهم هذه الشركات، أي مبالغ مالية يمكن توظيفها في عمليات التوسع والنمو، الأمر الذي يتيح فرص عمل، هذه النقطة التي ارتكزت عليها هيئة الاتصالات لم تعلق عليها شركات الاتصالات، لكن الهيئة أيضا اكتفت بالإشارة إليها ثم سكتت عنها، ولم تنظم حملة إعلامية للتوعية بضرر التجوال الدولي المجاني، وكسب التأييد لقراراتها. في المقابل قادت شركات الاتصالات حملة إعلامية ضد القرار، ولعل أبرز ما تداوله الناس هو التواصل مع الطلاب المبتعثين في الخارج، لكن الهيئة ظلت متمسكة بقرارها وبنأيها عن الإعلام في الوقت نفسه، والأجدى بها كان تحسين صورتها أمام الرأي العام، وإيجاد مخرج مناسب لتجوال الطلاب المبتعثين، وذلك لنزع ورقة إعلامية ضاغطة عليها بدلا من الإشارة إلى أن عدد الطلاب المبتعثين ليس مؤثرا، فكأنها تقدم عذرا لا يختلف كثيرا عن الذنب! مشكلة بعض الادرارات الحكومية لدينا هي أنها تتعامل من الإعلام بطريقة من اثنتين: إما الرغبة في التلميع، أو الاستبعاد النهائي، فيما تدير معاركها الإعلامية على طريقتها، فتحصد بقراراتها، التي هي في الأغلب لصالح العامة، سخطا لعدم وصول الصورة بالشكل الصحيح.