كانا مقتنعين بأن الأداء الماتع نهايته توديع مبكر، أو مجرد مسكنات مفعولها ينتهي بمجرد الخسارة، لذلك قررا اعتبار الأداء المتميز أمرا ثانويا، لا يفكران فيه بقدر ما يهمهما الفوز وحصد النقاط الثلاث والمضي قدما نحو تحقيق أحلامهما، وإضافة ألقاب بارزة في مسيرتهما.. فان مارفيك وديل بوسكي مدربا المنتخبين الهولندي والإسباني الواصلين إلى نهائي كأس العالم، تم اتهامهما ب «المفلسين» وبقاتلي جمالية كرة القدم، قبل انطلاق البطولة إلا أنهما أثبتا لمنتقديهما مدى قدراتهما، وأن قناعاتهما التي سارا عليها أساس النجاح والسبب الرئيس فيما وصلا إليه في أكبر تظاهرة رياضية على الإطلاق. ولم تكن مسيرة مدرب المنتخب الهولندي مارفيك ناجحة مع الفرق التي دربها كافة، باستثناء فينورد الذي حقق معه كأس الاتحاد الأوروبي عام 2002 وكأس هولندا قبل عامين، ولكنه استطاع أن يؤكد أنه كان بحاجة إلى لاعبين مميزين يستطيعون تنفيذ تعليماته بحذافيرها لكي ينجح، وهو ما حدث مع منتخب يضم في صفوفه أسماء لامعة أبرزها ويسلي شنايدر وآريين روبن. وفي أول تجربة له على صعيد المنتخبات طوال مشواره التدريبي البالغ 28 عاما، استطاع مارفيك النجاح حتى وإن خسر اليوم لقب البطولة، كونه أنسى الجماهير مرارة الهزيمة بعد أن وصل إلى المباراة 25 على التوالي دون أدنى خسارة، وكان الفوز على أورجواي بثلاثة أهداف مقابل هدفين في الدور نصف النهائي هو ال14 على التوالي أيضا، وأعاد هولندا للعب المباراة النهائية للمرة الأولى منذ 32 عاما. ورمى مارفيك بطريقة «الكرة الشاملة» التي انتهجها الهولنديون منذ حقبة السبعينيات خلف ظهره، مؤكدا أنها لم تجلب سوى لقب واحد كان كأس أمم أوروبا في 1988، وغيّر في طريقة اللعب الهولندية كليا، غير مكترث بأن تلك الطريقة كانت بمثابة التقاليد التي لا تمس بالنسبة إلى أبناء جلدته، ولم يكتف بهذا القدر بل صرح منتقدا طريقة تفكير الهولنديين: «إذا أرادوا كرة شاملة فعليهم العودة إلى السبعينيات والتمتع بما قدمه اللاعبون.. أنا أبحث عن الفوز بأقصر الطرق». وركز مارفيك في بداية مهمته على تغيير عقلية اللاعب الهولندي وجعلها أكثر طموحا واحترافية، حيث تبحث عن الفوز دون أن تعطي اعتبارا للأداء الجميل، وهو ما أكده شنايدر بنفسه: «مارفيك غير كل شيء في عقلية اللاعبين.. لقد كان يقول لنا إن الفوز وحده هو ما يجعلنا لاعبين كبارا، أما المهارات الفردية والأداء الممتع فإن بالإمكان الاستعانة بهما بحدود المعقول، بحيث لا يؤثران في هدفنا الأساسي». وعلى الجهة الأخرى، يملك ديل بوسكي تاريخا مشرفا على الصعيد التدريبي عكس منافسه في لقاء اليوم، بعد أن قاد ريال مدريد لتحقيق ألقاب عدة من ضمنها الدوري الإسباني في مناسبتين ودوري أبطال أوروبا وكأس السوبر الأوروبي، إضافة إلى كأس الإنتركونتالينتال «كأس العالم للأندية حاليا» خلال أربعة مواسم قضاها هناك بداية من 1999، بيد أن طريقة خروجه لم تكن مثالية، بعد أن طرد من منصبه بأمر من الرئيس فلورنتينو بيريز بسبب رغبته في مشاهدة فريق يمزج بين المتعة والبطولات، ولكنه لم يرَ منذ رحيله في 2003 متعة ولا ألقابا رغم تواجد نجوم على رأسهم زين الدين زيدان ورونالدو وليس فيجو، وديفيد بيكام، ليتنحى عن منصبه في 2006، ويعود مجددا في الموسم الماضي. ورغم تقاسيم وجهه التي لا تعكس قدراته ودهائه التكتيكي، استطاع بوسكي أن يكسب قلوب الجماهير الإسبانية، بعد أن شنت ضده حملة إعلامية شرسة، قادها المدرب السابق لويس أراجونيس، ولكنه صمد حتى نجح في إخضاع كل من حوله وإجبارهم على امتداحه، خصوصا بعد النتائج المبهرة في التصفيات المؤهلة للبطولة بعد أن حصد النقاط كاملة من مجموعته، قبل أن يواصل عمله الناجح بإيصال إسبانيا لأول نهائي لكأس العالم طوال تاريخها المتواضع الذي كان أكبر إنجازاته حصد المركز الرابع .