أوضح المستشار القضائي الخاص والأمين العام للجمعية العالمية للصحة النفسية في المملكة والخليج الشيخ الدكتور صالح بن سعد اللحيدان أنه من خلال رصده كثيرا مما يكتب وينشر في القنوات الفضائية والمواقع الإلكترونية وجد كثيرا من الأمور التي تحتاج إلى التنبيه خاصة لكبار الباحثين والمحققين والدارسين للبحوث العلمية في فقهي المستجدات والنوازل. ودعا اللحيدان عامة علماء المسلمين إلى تأصيل المسألة وتقعيدها، مشيرا إلى أن هذين الأمرين لا يمكن أن يكونا إلا عن طريق الموهبة العلمية المتجددة لمعرفة الناسخ والمنسوخ، والمطلق والمقيد، والعام والخاص، والمتقدم والمتأخر. وشدد على أنه لا بد من فهم اللغة ودلالتها على المعنى، وهو ما يسمى بفقه اللغة: «هذا وجدته مفقودا في كثير من البحوث والفتاوى والتحقيقات العلمية والتصحيح والتخريج ومعرفة اللغة وتطبيقها على أرض الواقع لدلالتها على المعنى المراد، وكذلك ما يتعلق بعلم النحو وتركيب الألفاظ المحتاج أمرها لدقة الإعراب وتنزيل الألفاظ منازلها، خاصة: إن وأخواتها، وكان وأخواتها، وأسماء الإشارة، وحروف الجر، والمصدر، وظرفي الزمان والمكان». فإنني وجدت هذه النقطة بالذات شبه مفقودة وبالذات في الدراسات والتحقيقات. وعلم النحو يحتاج إليه العلماء كافة والمحققون والباحثون والإعلاميون بصفة خاصة الذين يباشرون الإعلام المقروء أو المرئي أو المسموع، وإلى جانب ذلك وجدت أيضا أن هناك فقرا معنويا فيما يتعلق بالبديع والجناس والكناية، خاصة الكنايات التمثيلية والعقلية، وهذه فرصة أن ينتبه الناس خاصة والعلماء جميعا في المجالس العلمية والمجالس الجامعية ومجامع اللغة إلى مثل هذه الأمور». وأشار إلى أمر إضافي: « من خلال الاستقراء البحثي الذي وجدته ينشر في الصحف وبعض الرسائل العلمية، وجدت بعض طلاب العلم وبعض الدعاة حينما يريد أن يحقق مسألة من المسائل فإنه مع الأسف يجلس أمام الكومبيوتر فيحضر هذا البحث من خلال الكومبيوتر ويعود للمراجع فيذكر أسماء المراجع وأجزاء المراجع وصفحات المراجع، ويذكر عامة المصادر لهذه المسألة، ثم يخرج للناس كتابا من « 100» صفحة أو « 300» صفحة أو دراسة علمية من « 150» صفحة، وليس له في هذا جهد إلا جلوسه أمام الكومبيوتر فيجمع ثم يخرج، وهذه الدراسة لو سئل صاحبها في محاضرة عما فيها لما أجاب عن كثير من المسائل، ولو سئل مثلا عن «20» حديثا مما نقله من الكومبيوتر بإيراد الأسانيد لما استطاع، ولو سئل عن« 30» حديثا مما أورد ونقله هل هو صحيح لذاته أو صحيح لغيره ما أجاب، ولو سئل هل هو حسن لغيره أو حسن لذاته ما أجاب، ولو سئل هل له أصل في السنة وهل له متابع مدلس أو معضل لما أجاب». وأضاف اللحيدان: «أكثر ما يمكن أن يكون هو أن يجلس أمام الكومبيوتر فيحضر مسائل النقد وتحرير المسائل، وهذا بلا شك ثلمة في العقل المعاصر؛ لأن العقل لا يكون حرا مستفيضا يتكل بعد الله جل وعلا على تحقيق المسألة ومناط المسألة وتجديد المسألة ذاتيا دون الرجوع للكومبيوتر والنقل منه واستجلاب المصادر والمراجع والصحف والصفحات والأسطر؛ ليزعم بعد ذلك أن هذا بحث جيد استجد به الأمر وفاق من سبقه، وللأسف كثير من الناس حتى طلاب العلم لا يقرؤون كثيرا، وحينما يقرؤون في مثل هذه الرسالة يظنون أنها من المسائل الجديدة وهي من المسائل غير الجديدة، مثال على ذلك يقولون: «قال أحمد في المسألة كذا، وقال الشافعي في المسألة كذا، وقال الزهري في المسألة كذا، وقال الأوزاعي في المسألة كذا....». وحينما نحقق في أقوال العلماء هذه لا نجد أحمد ولا الزهري ولا الأوزاعي ولا الثوري ولا ابن عيينة قالوا هذا، وعلى فرض جدلي أنهم قالوه فإن لكل عالم أسانيده التي يجب أن توصل، ولذلك يقع كثير من الباحثين في الخطأ الذي لعله يميل إلى الكذب». وأوصى الشيخ اللحيدان كافة العلماء والقضاة والباحثين والدارسين وأساتذة الجامعات ومجالس العلم سواء كانت مستقلة أو رسمية أن ينظروا إلى ما ذكره؛ لعله يكون فتحا جديدا في العودة لما كان عليه السابقون من حفظ الصدر حفظا جيدا.