لاشك أن عنونة الأخبار وطريقة كتابتها تمثل أهمية قصوى، فهي التي قد تقلب المجرم إلى بريء والبريء إلى مجرم، وعملية تأطير الأخبار عرفت منذ القدم مع أول صحيفة صدرت في الدنيا، لكنها تطورت وفق معايير وأسس إعلامية في جميع دول العالم، إلا عند بعض صحفنا، حيث يترك للصحفي أحيانا أن يفعل بأخبار الجريدة ما يريد. قبل أسابيع عديدة ذهب مجموعة من الأشخاص إلى وزير التعليم وبين أيديهم بعض المحاور والنقاط التي يطلبون مراجعتها والنقاش حولها، فظهرت عناوين بعض الصحف في اليوم الذي يليه حاملة عنوانا قلب الأمر رأسا على عقب، لم يتطرق العنوان إلا لاعتراضهم على الأستاذة الفاضلة نورة الفايز، وكأنها الهدف الوحيد من زيارتهم أو المسبب الوحيد لها، وتركوا أمانة نقل الخبر جانبا. مثال آخر لا يقل أهمية عن سابقه إن لم يكن أهم، فقبل أيام قرأت خبرا عن لجوء بعض النساء للعمليات الجراحية من أجل إنقاص أوزانهن، والخبر يتحدث عن النساء اللواتي يمتن تحت مشرط الجراحين أثناء إجراء عملية إنقاص الوزن عن طريق ربط المعدة. عنوان الخبر يظهر المرأة كأنها المجرمة وليست الضحية، حتى إن تعليقات قراء هذا الخبر ذهبت جميعا لانتقاص تفكير المرأة والتقليل من شأنها إلى غير ذلك من التعليقات التي ما كانت لتحدث لو اختير عنوان منصف وصيغ بطريقة صحفية محترمة. فالنساء لا يرتكبن جرما عندما يتجهن لإنقاص الوزن عبر الطريق الأسهل والأصعب في الوقت ذاته، وهو إجراء عملية جراحية، لكن الخبر مر مرور الكرام على السبب الحقيقي في موتهن وهو ضعف وإهمال الأطباء الذين يجرون تلك العمليات التي تحتاج شيئا من الحرص. وفي كل أنحاء العالم تجري النساء هذه العمليات بكل سهولة، ولكن عندنا يصبح الخبر الرئيسي أو العنوان المناسب الذي تراه صحافتنا أن السبب في موتهن هو ولعهن بإنقاص أوزانهن، دون التطرق إلى أن أكثرهن يجرين مثل هذه العمليات لضرورة صحية بحتة لا علاقة لها بالبحث عن الجمال ولا بكونهن ناقصات عقل!