يشبه كثير من الآباء والأمهات الألعاب الإلكترونية ببحر متلاطم الموج، من الصعب التكهن بمده وجزره، وتأثيره على الأبناء في جميع الأعمار، وهناك من يؤكد أنه قد يكون أفظع من ذلك بكثير. يقول المشرف العلمي في اللجنة البرلمانية البريطانية للقضاء على مشكلة الألعاب الإلكترونية الدكتور كليفورد هيل: «اغتصبت براءة أطفالنا أمام أعيننا وبمساعدتنا وبأموالنا أيضا، وحتى لو صودرت هذه الأشرطة فإن الأمر سيكون متأخرا للغاية، لمنع نمو جيل يمارس أشد أنواع العنف تطرفا في التاريخ المعاصر». عن خطورة هذه الألعاب تقول سعدية، 35عاما: «صحيح أنها تضمن بقاءهم في المنزل وعدم الخروج إلى الشارع، لكن مع الأسف وجودها مزعج إلى حد كبير، لذلك أتمنى لو لعب أبنائي أي لعبة أخرى تعتمد على الحركة والنشاط». وتتهم سامية، 42عاما، الألعاب الإلكترونية بأنها وراء سمنة أبنائها المفرطة: « يمضون وقتا طويلا جدا في اللعب برفقة (البلاي ستيشن) أو بعض الألعاب الموجودة على الكومبيوتر، فهم يتناولون طعامهم وشرابهم أثناء اللعب، وفي العطلة الصيفية يظلون بثياب النوم حتى ساعة متأخرة من النهار». فيما يقول لبيب الراهب، 42عاما:لا أستطيع وقف الهوس بهذا النوع من الألعاب من قبل أبنائي الثلاثة. ويشكو من أن هذا التعلق الشديد بها بدأ يترك آثارا سلبية متعددة، مثل: تدميع العينين، والصداع، والدوار، وتراجع التحصيل الدراسي، والعزلة عن الناس، وزيادة ملحوظة في الوزن، وهذا يظهرهم أكبر من أعمارهم بكثير. ولكن للأطفال رأي مختلف، فالتنفيس عن الطاقات الكامنة أحد الأسباب التي تدفع وليد علي، 11عاما إلى إدمان الألعاب الإلكترونية، والذي أصبح يعاني منذ ثلاثة أعوام من حالة مرضية حرمته أن يمارس أي لعبة تتطلب الحركة، ففي ساقه اليمنى جهاز معدني مغروز فيها، حيث يتنقل بمساعدة عكازين، لهذا يجد في هذه الألعاب وسيلة يشغل بها وقت فراغه الطويل، وتشعره بأنه ما يزال قويا. ومن جانب آخر يحذر اختصاصي العلاج الطبيعي الدكتور حمد آل عامر من أن تعود الأطفال على هذه الألعاب يعرضهم إلى آلام تصيب مناطق مختلفة في الجسم، أهمها الرقبة والظهر والأطراف، وقد تتفاقم إلى إعاقات، ما يجعلهم يحددون فترة زمنية لا تتجاوز ساعتين لهذا النوع من الألعاب، حتى لا تصبح مصدرا لأمراض مختلفة يصعب علاجها.