بات كبار السن مصدر الإزعاج والقلق اليومي لكثير من الشباب الذين وجدوا في أريكة الحارة الفرصة الوحيدة لقتل أوقات الفراغ من خلال لعبة البلوت. وعقد الشبان العزم على فك عقدة الطفش من خلال الحضور المستمر على الأرصفة، الأمر الذي تسبب كثيرا في حرج لهم مع أولياء الأمور الذين بدؤوا في مطاردتهم، لما اعتبروه إزعاجا للأرصفة، مما يحد من تحركات النساء. لكن في المقابل يرى الشباب أنهم يتجنبون بالبلوت التسكع في الأسواق أو الشوارع، ويؤكدون أن مكان لعبهم لا يتغير خلال العام كله، في حين أن استفادتهم الكبرى في الجلسات على الأرصفة تتمثل في المناقشات الجانبية. 8 ساعات يوميا خالد بن عبدالله الأسمري، 21 عاما، بدأ ممارسة لعبة البلوت منذ أعوام، وتمسك بها خاصة في الإجازات لأنها تقتل الفراغ: «أمارسها يوميا بمعدل من ست ساعات إلى ثمان، من بعد صلاة العشاء حتى صلاة الفجر تقريبا، وأعتبرها أفضل بكثير من التسكع في الشوارع، أو مطاردة الفتيات، ونحن لا نعرف إلى أين نذهب، فكل الأماكن مخصصة للعوائل فقط، صحيح أنه توجد أماكن للشباب، ولكنها مرتفعة الأسعار، وبدلا من الجلوس في المقاهي وتدخين الشيشة فالجلوس على الأرصفة جوار المنزل مع ممارسة لعبة معينة لا يعد جريمة، بل كانت سببا في تعارفي مع الكثير من الأصدقاء من أحياء متفرقة، بالإضافة إلى أقرباء يلعبون معنا، فنشأت بيننا صداقات وطيدة منذ أعوام، كما أن الجلسة تحفزنا لمناقشة أمور حياتنا باستمرار، والأحاديث الجانبية نستفيد منها كثيرا، لأنها تحوي الكثير من النصائح والإرشادات، وقد استفدت من الجلسة في تداول كثير من أمور السيارات ونقلت الكثير من الخبرات حولها». ودعا الأسمري إلى تخصيص أماكن للشباب لممارسة ألعابهم كي يكون هناك نوع من الخصوصية، وكيلا يكون هناك استهلاك للأرصفة: «أتمنى أن تقام مسابقة على مستوى المملكة في لعبة البلوت، لدفع الشباب إلى تجنب الشوارع، والجلوس جوار المنازل». ازعاج الكبار ويعترف محمد الغامدي، 18 عاما، أن كبار السن يضيقون على الشباب في جلساتهم: «نمارس لعبة البلوت منذ أكثر من ثلاثة أعوام على الرصيف، ونعاني أحيانا من بعض المسنين الذي يرفضون جلساتنا على الأرصفة وممارسة تلك اللعبة، على الرغم من بعد الرصيف الذي نمارس فيه اللعبة عن حركة الناس». ويشير إلى أنهم حرصوا على اختيار رصيف بعيد عن حركة المشاة، لعدم التضييق على المارة خاصة العائلات: «مكان لعبة البلوت بات معروفا بالنسبة إلى كل سكان الحي، فيمر البعض ويلقون علينا السلام، وجميعنا يخبر أهله بمكان وجودنا، حتى إن من أراد منا شيئا يصل لنا بسهولة فاختصرنا المسافات بدلا من الجلوس في أماكن بعيدة أو مشبوهة، وأعتقد أن طول الإجازة يدفعنا لاختيار البلوت لكسر حاجز الملل فالجميع يعاني من طول الوقت وقلة أماكن الترفيه». دورات تدريبية وترى الاختصاصية الاجتماعية عواطف محمد أن من حق الشباب ممارسة ألعاب مفيدة لكسر الفراغ، وليس من العقل ممارسة أي لعبة وترك أساسيات مهمة في الحياة، مشيرة إلى أهمية دور التوعية من قبل الأهالي ووسائل الإعلام، خصوصا مع دخول الإجازة: «يجب تدشين حملة إعلامية قبل دخول الإجازات، وعلى التجار فتح الاستثمار للشباب من خلال تدريبهم وتأهيلهم، وإضاعة الوقت في اللعب من شأنه زيادة الفراغ وعدم التحرك إلى الأمام، ودفع الشبان إلى تدعيم ثقافة اللامبالاة، والشبان لهم قدرات متميزة لا بد من الاستفادة منها من قبل الشركات والمؤسسات أيضا». وطالبت أولياء الأمور بدعوة أبنائهم للمشاركة في دورات تدريبية من شأنها رفع قدراتهم في إدراك الأمور من خلال معاهد متخصصة بدلا من إنفاق النقود على السفر وترك الأبناء في الشوارع .