في اللقاء الأخير الذي جمع الوالد الملك عبدالله بن عبدالعزيز بأبنائه الطلبة المبتعثين في أمريكا قال، حفظه الله «ادعو معي أن يطول الله في عمره» قالها مبتسما، ومستبشرا، وقصد بها ذاك الكائن الذي نبضت به صحراؤنا منذ زمن، وبسببه تمددت الحياة طولا وعرضا، البترول الذي نسينا بقدرة قادر أنه نعمة كبيرة، وأصبحنا نراه حملا ثقيلا، يجب أن نتخلص منه سريعا ونستهلكه كل يوم لنقضي على عمره مبكرا، وكأن الكنز الذي تفجرت به الأرض وصمة عار علينا، وتهمة كاملة الإدانة، نتملص من الاعتناء به، ونهرب من واجبنا تجاهه. عندما يعلن ولي الأمر ذلك على الملأ، ويزيدنا بشارة أكثر إشراقا: «دولتكم دولة غنية ولله الحمد»، يجب بعدها أن نرشق تجاهلنا للنعمة بالحجارة، وندفن خجلنا من كوننا شعب بترول «ناضب»، ونصلب تخاذلنا تجاه مصلحتنا، وصلاح حالنا على أبواب المدن التي مازالت تنتظر خراج الخيرات، وتترقب هي ومواطنوها أمطار الحياة الحضارية الكريمة، ويتوق أجيالها لمستقبل لا يخذلهم أبدا. بعد ذلك الحديث لا مجال للتراجع، ولا مفر من انتعال خطة جديدة تليق بالطريق نحو مضاهاة دول سبقتنا في اكتشاف طريقة الحمد، والذي به تدوم النعم، وجعلت من البترول جناحين وحلقت بحاضرها وتاريخها ومستقبلها إلى مدار الدول الصناعية. لا عذر في إتمام مهمتنا المؤجلة، واستدراك الزمن الذي يركض دوننا، ونحن نقف مكتوفي الحيلة، نؤطر مشاريعنا، وننسخ خيباتنا، وإن عظم شأننا جلدنا ذاتنا أمام أعين العالمين. نعم أطال الله في عمر البترول، وقبله أطال الله في عمر «عبدالله» رجل الأمل والإصلاح، الرجل الذي منحنا الوسيلة، وأسقط في أيدينا خريطة إن لم نعمل عليها اليوم فسنندم كثيرا في الغد. فهيا قوموا بارك الله في فهمكم وقولوا «آمين».