كانت سيدة البرازيل الأولى ماريسا ليتيتسي ترافق زوجها الرئيس لولا دا سيلفا في الدورة الانتخابية الرئاسية الأولى، إلى كل مكان يتوجه إليه، لدرجة أنها ظهرت معه في الصورة الجماعية للرئيس مع وزراء الحكومة. لذلك بدأت وسائل الإعلام البرازيلية تتحدث عنها بشكل تهكمي، من جراء هذه «الملاحقة»، الأمر الذي دفعها في الدورة الرئاسية الثانية إلى الانسحاب قليلا من الواجهة من دون أن تتخلى عن الكلمة الرئيسية في المنزل. وتشارك ماريسا زوجها في الكثير من القضايا والتوجهات المصيرية، فكلاهما خسر أعز المقربين منه في سن صغيرة نسبيا، عندما فقدت هي زوجها الأول وفقد هو زوجته الأولى وابنه، ليجمعهما الحزن وحب العملاق الأصفر منتخب البرازيل الأول لكرة القدم. شمس يحظى لولا بشعبية كبيرة في بلاده. ووفق آخر استطلاعات الرأي، فإن أكثر من 83 % من المواطنين يؤيدونه. ونظرا إلى أن النظام الانتخابي البرازيلي لا يسمح للرئيس بالترشح لولاية رئاسية ثالثة، فإن لولا نفسه لا يسعى لإحداث أي إجراءات دستورية لتغيير هذا الأمر، كما فعل الرئيس الفنزويلي شافيز. وقد يجري العمل في البرازيل لاحقا بالنموذج الأرجنتيني، حيث تحل ماريسا بدلا منه لولاية رئاسية جديدة، ثم يعود لولا من جديد. وتملك ماريسا مثل زوجها مستوى تعليميا منخفضا، وتجربة غنية في التعامل مع الأطفال، ونشاطا بارزا في النقابات. ولدت ماريسا بولاية سان باولو قبل أكثر من 60 عاما في عائلة كانت تضم عشرة أولاد آخرين. وعرفت منذ ولادتها، مثل الآخرين، الفقر والحياة الصعبة لأن أهلها كانوا يعملون في الزراعة. وهاجرت أسرتها في منتصف الستينات، إلى مدينة سان برناردو الصناعية، حيث بدأت تتردد على المدرسة في هذا العمر المبكر، سابقة بذلك زوجها الذي لم يتعلم القراءة والكتابة إلا عندما كان عمره عشرة أعوام. وعندما بلغت ال 13 من عمرها، توجهت مع والدها إلى أحد معامل الشوكولاتة للعمل في قسم التغليف. وهناك قضت بين الأوراق وقطع الحلوى ثمانية أعوام، ولم تغادره إلا بعد أن حملت من زوجها الأول سائق التاكسي ماركوس كلادوي، وكان عمرها آنذاك 21 عاما. ولكن سعادة ماريسا لم تستمر طويلا، فقبل ثلاثة أشهر من ولادة طفلهما ماركوس قتل مجهول زوجها في حادث سطو عادي مثل آلاف حوادث السطو التي تحصل في البرازيل، الأمر الذي جعلها تعود مبكرا إلى العمل بعد الولادة. وفي العمل بدأت تحضر اجتماعات النقابات العمالية، حيث تعرفت فيها على عامل آلة معالجة المعادن لويس إيناسيو دا سيلفا الذي لم يكن أحد يخاطبه بأي اسم آخر سوى «لولا». وكان وضع لولا الإنساني مشابها لماريسا، حيث كان فقد زوجته وابنه أثناء عملية معقدة للولادة، الأمر الذي قربهما أكثر. وبعد أقل من سبعة أشهر على تعارفهما تزوجا. أما هذا العام فاحتفلا بالذكرى ال 36 لزواجهما. وأثبتت دا سيلفا في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي أنها امرأة متعددة المواهب والنشاطات، حيث اهتمت بشؤون العائلة وأنجبت ثلاثة أولاد، وفي الوقت نفسه ساهمت بنشاط في الحياة السياسية عبر النقابات. وتمكنت مع زوجها من تنظيم عدة إضرابات، وبادرت إلى عقد اجتماعات للنساء في المنطقة الصناعية من ولاية سان باولو. وعندما أسس زوجها عام 1980 الحزب العمالي، كانت ماريسا هي التي اقترحت أول علم حزبي وجهزته، واستضافت في منزلهما النشاطات السرية والمناوئين للحكم العسكري. وانتهى لولا والكثير من النشطاء الآخرين في منتصف الثمانينات في السجن بتهمة التحريض على الإضراب، الأمر الذي جعلها تنظم مسيرة للنساء للمطالبة بإطلاق سراح هؤلاء النقابيين. لقد أثار لولا المخاوف في البداية بأن الرئيس المقبل من صفوف الشعب سيعمل بسياسة اشتراكية صلبة، غير أن ذلك لم يحدث، إذ فضل لولا اختيار طريق الإصلاحات المعتدلة، أي من دون هزات أو صدامات