نتابع جميعا كأس العالم في هذه الأيام، ولكل منا سبب في المتابعة ولدى بعضنا أكثر من سبب, يترافق مع هذه الأسباب حمى تدفعنا إلى المتابعة والتسمر أمام الشاشات لعدة ساعات طويلة, أما أبرز أنواع الحمى التي تسمر بعضنا أمام الشاشة فهي حمى الإعلانات والدعاية التي نراها في أقوى صورها على مستوى العالم ككل خلال هذه البطولة العالمية. حجم الإعلانات في جنوب إفريقيا خلال هذا العام تجاوز حدود ال 200 مليون دولار خلال فترة البطولة, وهذا يعطينا فكرة واضحة عن مدى قوة هذا المجال الذي أصبح يدرس كتخصص مستقل في بعض أقسام وكليات الإعلام حول العالم، وتنامى لتعقد له المؤتمرات وتخصص الميزانيات العملاقة لأجل إتقانه وضمان الوصول «الأمثل» للمتلقين حول العالم. والمتابع «عادة من المتخصصين» لبطولة الإعلانات في كأس العالم يجد الفرق الكبير جدا بين الإعلانات والجهود التي تقوم بها الشركات العالمية، وبين أشباه الشركات التي تنسخ إبداعات غيرها ولا تحقق الأهداف الحقيقية لحملات إعلانية تتطلب مبالغ طائلة دائما. لو راجعنا الأسباب التي تجعل جهود الوكالات الإعلانية تذهب هباء منثورا، وبالذات هنا في المملكة العربية السعودية، سنجد أن هناك العديد من العوامل التي يمكن تفاديها وبالتالي تحقيق ثقافة إعلانية أفضل وأكمل بالنسبة إلينا كمتلقين، وبالنسبة إلى صانعي الإعلان والحملات كاحترافية ومهنة. أحد هذه الأسباب قلة الدارسين والمتخصصين في علم الإعلان والدعاية, الاعتماد على الخبرة والأقدمية في المجال أصبح من الأمور التي تساعد في هدم الجهد وليس إتمامه, لأن الظروف تختلف والتطور التكنولوجي، وهو عامل رئيسي في صناعة الإعلان، أصبح سريعا وملموسا يتطلب وجود أناس يستطيعون التواكب مع تسارع التقنيات والقدرة على التعامل معها والاستفادة منها إلى أقصى الحدود, أضف إلى ذلك قلة السعوديين العاملين والمتخصصين في هذا المجال وسيطرة جنسيات أخرى عليه, هذا الأمر ومع احترامنا لجميع الأعراق والأجناس إلا أنه أضر كثيرا بصناعة الإعلان الموجه داخل السعودية بسبب اختلاف ثقافاتهم وتنوع آرائهم تجاه الحياة التي لا تتناسب في بعض الأحيان مع ثقافة وعادات مجتمع مثل المجتمع السعودي المعروف بخصوصيته.