حلت السعودية في المرتبة الثانية خليجيا والثالثة بين 13 دولة من حيث متوسط التضخم على مدى الأعوام الستة الممتدة بين 2004 2009. وباستثناء الربع الرابع من عام 2008 وكامل العام الماضي، سجلت كثير من الدول المتقدمة والنامية ارتفاعات ملحوظة في معدلات التضخم السنوية وبوتيرة متصاعدة، نتيجة عدة عوامل أهمها النمو العالمي غير المسبوق سواء في المجال الصناعي، أو الزراعي، أو التجاري، أو الخدمي، إضافة إلى المالي، ما أدى إلى ارتفاع السلع الأولية إلى مستويات سعرية قياسية أبرزها النفط الذي قارب 150 دولارا للبرميل. وعادة تتشابه أسباب التضخم بين بلد وآخر، إلا أن العوامل المسببة له تختلف باختلاف طبيعة اقتصاد الدولة، ودرجة تنوعه، ومدى انفتاحه على الاقتصادات الأخرى، ودرجة اعتماده على التصدير أو التصنيع، ومدى توافر المواد الخام الداخلة في العملية الإنتاجية. وبحسب نشرة آفاق الاقتصاد العالمي الصادرة عن صندوق النقد الدولي لشهر إبريل، جاء متوسط معدل التضخم في السعودية خلال ستة أعوام بالمرتبة الثانية بمتوسط 3.7 % بعد البحرين التي احتلت المرتبة الأولى بمعدل بلغ 2.7 % بين دول الخليج ومنطقة الشرق الأوسط. كما جاءت المملكة في المرتبة الثالثة بعد البحرين والصين ضمن قائمة ضمت 13 دولة اختارها صندوق النقد لإجراء المقارنة بينها، حيث بلغ معدل التضخم في الصين 2.9 % لتحتل بذلك المرتبة الثانية بين الدول ال 13. وحلت سلطنة عمان في المرتبة الرابعة بمعدل 4.7 %، تلتها الكويت بمعدل مقارب بلغ 4.9 %، والبرازيل بمعدل 5.3 % ، ثم الأردن بمعدل 5.5 %، والهند بمعدل 6.6 % ، والإمارات بمعدل 7.5 %. وجاءت قطر وتركيا في المرتبة العاشرة بمعدل متشابه بلغ 8.6 %، تلتهما مصر بمعدل 10 %، وأخيرا فنزويلا بفارق كبير حيث بلغ متوسط التغير عن ستة أعوام 21.3 %. وكان معدل التضخم في المملكة ضمن مستويات متدنية حتى العام 2005؛ إذ سجل في ذلك العام 0.6 %، فيما سجل في العام الذي سبقه «2004» 0.4 %. وبدأ معدل التضخم في الارتفاع في 2006 لكن ضمن نطاقات معقولة، حيث بلغ 2.2 %، ليقفز بعد ذلك في العام التالي «2007» بمقدار الضعف تقريبا وصولا إلى 4.1 %، وهو العام الذي بدأت تظهر فيه معدلات الارتفاع في أسعار السلع والخدمات بشكل ملحوظ عالميا. كما سجل أيضا زيادة قياسية في العام الذي يليه «2008» حيث صعد إلى 9.9 % وهو أعلى متوسط معدل له على الإطلاق، حيث كانت الأسعار حينها تسجل معدلات قياسية متتالية وبصورة متسارعة استمرت حتى نهاية الربع الثالث من 2008، في مقدمتها أسعار النفط التي تجاوزت 147 دولارا للبرميل في يوليو 2008، وذلك قبل أن تبدأ معدلات التضخم في الانهيار معلنة دخول اقتصادات العالم في مرحلة كساد كبيرة لم يشهدها العالم منذ الكساد العظيم إبان الحرب العالمية الثانية. واستمرت مرحلة التراجع التي بدأت في الربع الرابع من 2008 طوال العام الماضي، لتسحب معها معدلات التضخم في مختلف دول العالم إلى مستويات متدنية مع دخول اقتصادات الدول، خاصة المتقدمة، مرحلة ركود تسببت في انخفاض أسعار مختلف السلع والمنتجات، وفي مقدمتها النفط الذي هبط إلى مستوى30 دولارا للبرميل. وعلى إثر ذلك تراجع متوسط معدل التضخم في المملكة إلى 5.1 % في 2009، واستمر خلال الربع الأول من العام الجاري في التراجع إلى 4.5 %، ورغم ذلك لا تزال معدلات التضخم أعلى من نظيراتها في الأعوام السابقة باستثناء 2008م .