مدرس وافد في مدرسة متوسطة أهلية سعودية، يشترط على تلاميذه زيادة عشر درجات لمن يقبل رأسه، ويعطي أسئلة الامتحان لمن يقبل قدميه. من يفكر بأبعاد هذا الخبر يعرف تماما المستوى الرديء الذي وصلت إليه الكثير من المدارس الأهلية عندنا، ويعرف إلى مدى وصلت إليه من انعدام المراقبة والإحساس بالمسؤولية. فكروا، هل اتخذ هذا المدرس قرار تقبيل قدميه فجأة، أو كقرار مجازف منه؟ المدرس الوافد الذي يتخذ قرارا مهينا بهذا الحجم ليس له هدف آخر من هذا القرار سوى التقليل من كرامة تلاميذه وكرامة بلادهم، ومن المؤكد أنه لم يصل إلى هذا التصرف بين يوم وليلة، بل بعد سنوات من رؤية التسيب وانعدام الرقابة، والوضع المتردي الذي تعيشه الكثير من المدارس الأهلية التي تحتاج إلى وقفة صادقة لتغيير أوضاعها بشكل كلي يجعلها مدارس تعليمية وليست سوبرماركت لبيع علب المعلومات أو علب الأسئلة. ليس لدي عقدة من الأجانب بل لا أعتبر أي عربي أجنبيا، ولكن الكثير من الوافدين العرب لديهم عقد دفينة لا تظهر إلا في مثل هذه الحالات، ومن يسافر لهذه البلدان يشاهد ويسمع آثار تلك العقد بعينيه. صحيح أن المدرس السعودي وبالذات في المدارس الأهلية ليس أحسن حالا من غيره ولكن مهما وصلت به الرداءة والحقد فلن يخون أمانته مقابل أن يجبر أبناء بلده على تقبيل قدميه، لن يكون هناك فارق كبير لو أجبرتم تلك المدارس الأهلية بكافة مستوياتها على توظيف المدرس السعودي ومنعتموهم من توظيف أي مدرس من جنسية أخرى. صدقوني ستتخلصون من أعداد كبيرة تشبه هذا المدرس الوافد، وسيختفي الكثير من المدرسين الذين يبيعون الأسئلة أو يجبرون تلاميذهم على أخذ دروس خصوصية لديهم لزيادة دخولهم. وإن كانت المسألة فوق قدرة أصحاب القرار للسيطرة عليها، فالأولى أن تذهب فوائد الدروس الخصوصية لأبناء البلد من المدرسين أو خريجي الجامعات الذين لا يجدون أي سبيل للقمة العيش. وإن لم نر قرارا سريعا شاملا بعد حادثة تقبيل القدمين فإن كرامتنا جميعا على المحك!