لعل تربية الزهور التي برع فيها الهولنديون براعة خاصة، وفاقوا فيها كل الشعوب، ليست هي الشيء الوحيد الذي يجيدون البراعة والتميز فيه، فالخيل بكافة سلالاتها وفئاتها تجد في هذا البلد رعاية واهتماما خاصا قلما تجده في بعض البلدان الأوروبية والعربية على حد سواء. على الرغم من كون الطواحين الهوائية هي أبرز المعالم في هولندا والتي قد يعتبرها البعض رمزا وطنيا، إلا أن الزهور هي الأشهر في هذا البلد وذلك بتواجدها في العديد من الحدائق والمتنزهات، وفي الحقول المكشوفة التي هي على امتداد البصر، وتعد الحدائق الخاصة بالسياح، نماذج مصغرة لمنجزات هذا البلد المتقدم تكنولوجيا وصناعيا وفي مختلف المجالات العمرانية والاجتماعية والعلمية والزراعية، وهي تمزج هذا كله، بمناطق غابات تملأ على السائح كل جوانحه، بألوانها وسحرها. فالطبيعة في هولندا مزيج من كل ما تعشقه العين، وتطرب له النفس، والهولنديون يعرفون كيف يعتنون بها ويحمونها من الأخطار. ففي قرية اكسلو الواقعة ضمن ولاية «درنت»، حيث السهول الزراعية الواسعة والطبيعة الساحرة والطقس المعتدل، تميز سكان هذه القرية والقرى المجاورة لها بتربية الخيل والعناية بها بشكل لافت ومنذ أعوام طويلة، فمشاهدة الخيول في المراعي الخضراء وبالقرب من المنازل الريفية والأكواخ الهولندية العريقة هو أول ما يلفت انتباه الزائر لهذه المنطقة الهادئة البعيدة عن ضوضاء المدينة وأجوائها الصاخبة، فمشاهدة قطيع من الخيل أمر نادر لدينا وربما لم نشاهده كثيرا ولكنه حقيقة رائعة لدى هذا الشعب العاشق للخيل بشكل لا يصدق، ربما يعتقد الشخص أن المنافسات والفعاليات من أسباب هذا الاهتمام والرعاية، إلا أن هناك ترابطا خاصا بين أبناء هذه المنطقة وبين الخيل ولديهم اعتقاد كبير ببركة الخيل، بحيث يشمل كافة سلالات الخيل، ويتم تنظيم العديد من الفعاليات والمسابقات المتنوعة سواء مسابقات قفز الحواجز ومسابقات «الدراساج» وسباقات «الرايدن» وغيرها من السباقات والفعاليات المختلفة بشكل أسبوعي مستمر والتي يحظى الطفل بنصيب الأسد فيها من حيث ما يخصص له من هذه الألعاب والفعاليات ويلقى عناية خاصة من قبل القائمين على هذه الفعاليات. وبما أن الخيل العربية أيضا تحظى بمكانة خاصة لدى الهولنديين وسكان هذه المنطقة بشكل خاص، فقد أقيمت لها «بطولة لولاند لجمال الخيل العربية» أو ما يسمى بكأس هولندا للخيل العربية التي تقام كل عام في قرية اكسلو في الفترة من 12 إلى 13 يونيو في ظل مشاركة نخبة من أجمل وأعرق الخيول العربية الأصيلة. باتت بطولة «لولاند إريبيان كب» الدولية لجمال الخيل العربية من أهم البطولات الأوروبية والدولية في عالم بطولات جمال الخيول العربية، حيث يحرص العديد من الملاك على مشاركة خيولهم بالبطولة خاصة أن تصنيف البطولة من قبل المنظمة الأوروبية لمسابقات جمال الخيول العربية «الإيكاهو» هي الفئة «ب» ما جعل لها أهمية خاصة لدى المشاركين وإقبالا متزايدا من قبل الجمهور والمعنيين، إضافة إلى حسن الاستضافة والتنظيم الذي تحظى به هذه البطولة، كما يقام بالتزامن مع هذه البطولة معرض مصغر متخصص بكل ما يتعلق بصناعات الخيول والفروسية من خدمات وأدوات ومستلزمات ومعدات ورعاية، بمشاركات بعض الشركات المحلية، إضافة إلى تواجد بعض الرسامين والنحاتين ومحال بيع الكتب الخاصة بالخيل في أجزاء من المعرض الذي يحظى بتفاعل الجمهور الذي كان له أثر مميز في نجاح المعرض وإضفاء جو من الحماس والتشجيع على البطولة، ومن اللافت أيضا أن جوائز المراكز المتقدمة هي لوحات فنية رائعة ورسم للخيل العربية من بعض الفنانين من أبناء هذه المنطقة. وتشهد البطولة مشاركة واسعة من أجمل السلالات العربية الأصيلة من مختلف الأعمار بدءا من فئات المهرات والأمهار للصغار مرورا بفئة الأفراس لمختلف الأعمار ومن ثم الفحول لكافة الأعوام، وقد شهدت البطولة مشاركة ما يقارب 150 جوادا تمثل العديد من الدول المشاركة، والتي تتقدمها المملكة والإمارات، إضافة إلى العديد من الدول الأوروبية مثل هولندا وبلجيكا وألمانيا وفرنسا والدنمرك والمملكة المتحدة وبولندا